والجواب عن ذلك لائح ولا يليق بهذا المجموع ذكر أمثال ذلك إلا رمزا فنقول: إذا ثبت اشتراط النية في التيمم فاعتبار الوضوء به في الحال متجه وسؤال المعترض مباحثة عن أمر منقض وحقه ألا يتعرض لما مضى فإن الناظر في تأخر النزاع قد لا يشك في أن النية في الوضوء كانت عند مثبتيها مدلولة بدلالة أخرى قبل ثبوت التيمم فإذا ثبت التيمم دل عليها والعلامات قد تترتب تقدما وتأخرا وذلك غير مستنكر في دلالات العقول فما الظن بالأمارات؟
ثم لا يمتنع أن يقال: إذا ثبت كون الوضوء في معنى التيمم ثم ثبتت النية في التيمم أرشد ذلك من طريق السبر والاستناد إلى أن النية كانت مرعية في الوضوء فيما سبق وهذا تكلف مستغنى عنه فإن المناظرات لا تدار على الأحكام الماضية ومنتهى هذا السؤال آيل إلى المطالبة بما دل على [النية قبل] ثبوت التيمم وهذا لا يلزم الجواب عنه.
[مسألة] :
١١٠٧- ومن الاعتراضات الفاسدة:
جعل المعلول علة والعلة معلولا مثاله: إنا إذا قلنا في ظهار الذمي: من صح طلاقه صح ظهار كالمسلم فإذا قال المعترض: جعلتم الظهار معلولا والطلاق علة وأنا أقول في الأصل المقيس عليه [المسلم] : إنما صح طلاقه لأنه صح ظهار فأجعل ما جعلتموه علة معلولا وما جعلتموه معلولا علة فإذا كان لا ينفصل ما ادعيتموه عما ادعيناه ولا يتأتى تميز العلة عن المعلول لم يصح فإن باب العلة ينبغي أن يتميز بحقيقته وخاصيته عن باب المعلول وقد يستشهد هذا السائل بلقب قرع مسامعه من المعقولات ويقول: العلة والمعلول في الشرعيات على مضاهاة العلل في العقليات ثم العلة العقلية متميزة عن المعلول فليكن الأمر كذلك في السمعيات.
وهذا عند ذوي التحقيق ركيك من الكلام وإنما يتوجه هذا الفن من الاعتراض على قياس الدلالة كالطلاق والظهار وما أشبهها فإن الغرض أن يدل باب على باب بوجه يغلب على الظن ومن يروم ذلك يتمسك بالمتفق عليه من البابين ويجعله علما ودلالة على المختلف فيه فإن كان هذا المعترض يتشبث برد قياس الدلالة ويجعل ما ذكره عبارة عن هذا المقصود فالوجه إثبات هذا الباب من القياس وقد تقدم ذكر ذلك.