على عللها فقال الشافعي أتخذ تلك العلل معتصمي وأجعل الاستدلالات قريبة منها وإن لم تكن أعيانها حتى كأنها مثلا أصول والاستدلال معتبر بها واعتبار المعنى بالمعنى تقريبا أولى من اعتبار صورة بصورة بمعنى جامع فإن متعلق الخصم من صورة الأصل معناها لا حكمها فإذا قرب معنى المجتهد والمستدل فيما يجتهد إلى الشرع ولم يرده أصل كان استدلالا مقبولا.
وهذا يتبين برسم مسألة واستقصاء القول فيها ونحن نجريها ونذكر ما فيها حتى تنتج الأصول والمعاني والاستدلالات.
مسألة:
١١٤٣- الرجعية محرمة الوطء عند الشافعي وهي مباحة الوطء عند أبي حنيفة رضي الله عنهما.
ومعتمد الشافعي: أنها متربصة في تبرئة الرحم وتسليط الزوج على شغل رحمها في الزمان الذي تؤمر فيه بالتبرئة متناقض.
وهذا معقول فإن المرأة لو تربصت قبل الطلاق [واعتزلها] الزوج لم يعتد بما جاءت به عدة فلو كانت تحل قبل الطلاق وبعده لما كان لاختصاص الاعتداد بما بعد الطلاق معنى ولم يطلب الشافعي بهذا المعنى أصلا وما ذكره قريب من القواعد فإنه كلام منشؤه من فقه العدة ثم عضده بما قبل الطلاق.
١١٤٤- وقال بعض أصحابه: نقيس الرجعية على البائنة في العدة.
ويتسع الآن القول في إثبات الحكم بالعلتين ونفى ذلك والغرض يتبين بفرض أسئلة وأجوبة عنها.
فإذا قلنا: معتدة فتكون محرمة كالمعتدة البائنة فيقول [المعترض: المعنى] في تحريمها أنها بائنة وهذا المعنى يستقل باقتضاء الحكم ولا خلاف أن البينونة علة في اقتضاء التحريم فليقع الاكتفاء بها.
وربما أكد السائل كلامه بأن قياس الرجعية على البائنة بمثابة قياس البالغة على الصغيرة بجامع الأنوثة فإذا قال القائل: أنثى فلتلحق بالصغيرة كان ذلك مردودا فإن الصغر بمجرده يستقل نافيا للاستقلال فلا أثر للأنوثة وقد قدمنا ذلك في العلل المركبة وهذا القول يلتحق بقول القائل: مس فصار كما لو مس وبال.