قلنا: تبين من نظر الصحابة رضي الله عنهم في مائة سنة ومن نظر أئمة التابعين أن ما قال مالك رضي الله عنه وما استشهدنا به لا يحكم به.
ونحن نعلم أن الأمد الطويل لا يخلو عن جريان ما يقتضى مثل ما يعتقده مالك ثم لم يجر.
وشذت واقعة في العقوبات واضطرب فيها رأي الصحابة وهي حد الشارب فجرى فيه واشتهر ولم يستجيزوا الاستجراء على تقدير زيادة فيه إلا بعد أن يثبتوا أنه.
لم يكن مقدرا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كأنهم أجروه مجرى التعزيرات.
قال على رضي الله عنه: أما أنا [لا أقتل] في حد وأجد في نفسي [شيئا إلا حد الشارب فإنه شيء رأيناه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فليكن هذا سبيلا قاطعا في الرد على مالك رحمه الله ومن نحا نحوه وفيه تنبيه على ما نريده.
فصل
١١٥٦- فإن قال قائل: ما الاعتراض على الاستدلال؟.
قلنا: الاستدلال معنى مخيل قد يتطرق إليه من الاعتراضات ما يتطرق إلى معنى يبديه المستنبط مخيلا في أصل غير أن [للمعنى] المستند إلى أصل تعلقا به فقد يتوجه كلام على الأصل بفرق أو غيره والاعتراضات على الاستدلال الذي لا يستند إلى أصل تنتحي نحو المعنى فحسب ويتوجه عليه النقض إن أمكن والمعارضة وشرط ثبوته ألا يناقض أصول الأدلة.
١١٥٧- وأنا أرى الكلام عليه محصورا في أوجه:
أحدها: المناقشة في الإخالة والإشعار.
والآخر: طلب النقض إن كان.
والآخر: تقديم مقتضى أصل علته.
والآخر: معارضته بمعنى آخر [يناقضه] .
فهذي مجامع الاعتراضات على الاستدلال ويفسد من الاعتراضات عليه ما يفسد من الاعتراضات على ما يستند إلى أصل.