١١٦٤ -فإن ثبتت علامة خفية كالعلامات التي يقع التمسك بها في تمييز النجس من الطاهر في الأواني وفي والثياب فإن عارض يقين النجاسة يقين الطهارة فعلم صاحب الإناءين أن أحدهما نجس والآخر طاهر فليس التمسك بيقين الطهارة بأولى من التمسك بيقين النجاسة فيضطر إلى التمسك بالعلامات وإن خفيت.
[وإن لم يوجد] يقين النجاسة ولكنا تيقنا طهارة وشككنا في طريان نجاسة وثبتت علامة خفية ففي التعلق بها قولان:
أحدهما: أنها ضعيفة وإن تناهى المرء في تصويرها محاولا إظهار ما وقع في النفس فليفهم الناظر ما يرد عليه فالتعلق بالاستصحاب أولى على قول والتمسك بها أولى على قول.
١١٦٥- وإن تقدم يقين وطرأ شك وليس لما فيه علامة جلية ولا خفية فعند ذلك تأسيس الشرع على التعلق بحكم ما تقدم وهذا نوع من الاستصحاب صحيح وسببه ارتفاع العلامات وليس هذا من فنون الأدلة ولكنه أصل ثابت في الشريعة مدلول عليه بالإجماع وإن طرأ مثل ذلك في منازل المجادلات فأراد [المستدل] أن يدعو الخصم إلى موجب الاستصحاب وكانت الصورة على نحو ما ذكرناها فذلك [سائغ] والدليل عليه اعتباره بنظائره بتشبيه أو تقريب معنوي فليلحق ذلك بأبواب القياس إذا.
١١٦٦- ولا يستمر هذا إلا بسبر وهو تمام الكلام.
ومعناه أن يدعى أولا انتفاء الدليل عند قيام التردد ثم لا يتوصل إلى ذلك إلا بتخيل جهات الأدلة وإبانة انتفائها في محل الكلام ثم يستمر بعد هذا ما يحاوله من اعتبار صورة بصورة.
وبيان ذلك بالمثال: أن المسئول عن وجوب الأضحية يقول الأصل براءة الذمة فلا معنى لشغلها إلا بثبت وهذا لو اقتصر عليه لاستقل كلاما مفيدا مستقيما وحاصله يئول إلى أنه لم يقم عندي دليل على وجوب الأضحية وإذا قسم وسبر وتتبع مواقع تعلقات الخصم بالنقض استمر له ما ذكرناه في الاستصحاب.
فهذا منتهى الغرض في ذلك وقد نجز بنجازه القول المقصود في الاستدلال والحمد لله وحده.