والدليل عليه: أن الشارع إذا كان مقصوده بيان العشر ونصف العشر لو أخذ يفصل الأجناس وهو يبغي غيرها يعد ذلك تطويلا نازلا عن الوجه المختار في اللغة العالية فتقدير التعميم يشير إلى أنه [لو لم] يرد العموم لفصل الأجناس ولو فصلها لكان مائلا عن الوجه الأحسن في النظم.
وإذا تمهد هذا الأصل فالذي ذكره الأصحاب من أن علة الشارع لا تنقض محمول على تقدير ما قصد التعميم فيه نصا فليفهم الناظر ذلك وليقف عليه عند هذا وقفة باحث.
مسألة:
١٢٤٧- وإذا تعارض ظاهران وقد تطرق التخصيص إلى أحدهما فالمذهب الذي ذهب إليها المحققون أن الذي لم يتطرق إليه تخصيص مرجح.
فأما المعتزلة فإنهم قضوا بأن اللفظ الذي خص في بعض المسميات صار مجملا في الباقي ولا يعارض المجمل ظاهرا.
وأما أهل الحق وإن لم يحكموا بالإجمال فإنهم يرون تعميم اللفظ في الباقي أضعف في حكم الظن من اللفظ الذي لم يجر فيه تخصيص فإذا لاح وجه في غلبة الظن من منشأ ظهور الظاهر كان ذلك ترجيحا مقبولا.
مسألة:
١٢٤٨- إذا تعارض ظاهران أو نصان وأحدهما أقرب إلى احتياط فقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن الأحوط مرجح على الثاني وزعموا أن الذي يقتضيه الورع وإتباع السلامة هذا واحتجوا بأن قالوا: اللائق بحكمة الشريعة ومحاسنها الاحتياط فإذا تعارض لفظان غلب على الظن أن الذي نقله صاحب الاحتياط صدق وكأن القواعد تغلب على الظن ذلك وتؤازر الرأي في ذلك.
١٢٤٩- وقال القاضي: لا مستروح إلى هذا ولا معنى للترجيح بالسلامة وما ذكره هؤلاء من شهادة الأصول وإثارتها تغليب الظن يعارضه أن العدل الذي نقل الثاني لا يتهم ولا يظن به العدول عن قاعدة الاحتياط إلا بثبت واختصاص بمزية حفظ.