ورجع كلام المحقق إلى تباين القاعدتين وتباعدهما وإيضاح ابتناء كل واحد منهما على أصل غير معتبر في القاعدة الأخرى.
وهذا لا ينتظم فرقا ويدخل في أقسام فساد الوضع ووجب نسبه الخصم إلى البعد عن مأخذ الكلام والاكتفاء بتلفيق لفظي عرى عن التحقيق.
١٢٧١- والذي يحقق ذلك أن من سرق نصابا واحدا في دفعات [وهو في كل دفعة] يهتك حرزا لم يستوجب قطعا ولو قطع جان يدا واحدة بدفعات استوجب القصاص عند الإبانة.
١٢٧٢- ويتعلق بالكلام في هذا القسم أمر يتعين الاعتناء به وهو مزلة مالك ونحن نقول فيه: إذا ثبت ارتباط حكم في أصل بحكمة مرعية فيجوز الاستمساك بعينها في إلحاق الفرع بالمنصوص عليه في عين الحكم المنصوص.
ولا يجوز تقدير حكم آخر متعلق بحكمة تناظر الحكمة [الثابتة][في الأصل المنصوص عليه فإن هذا يجر إلى الخروج عن الضبط ويفضي في مساقه إلى الانحلال فإن الحكمة الثانية] لو قدرت لدعت إلى ثالثه ثم لا وقوف إلى منتهى مضبوط.
١٢٧٣- وبيان ذلك بالمثال: أن المال صين بشرع القطع إبقاء له على ملاكه وزجرا للمتشوفين إليه ولو فرض تعرض للحرم بمراودات دون الوقاع فأدناها يبر على أقدار الأموال ولا يسوغ نقل القطع إليه وكذلك القول في أمثاله.
١٢٧٤- وعند ذلك انتشر مذهب مالك وكاد يفارق ضوابط الشريعة واعتصم بألفاظ وعيدية معرضة للتأويل منقولة عن جلة الصحابة وقد يدنو المأخذ جدا فيزل الفطن إذا لم يكن متهذبا دربا بقواعد الاجتهاد.
١٢٧٥- وبيان ذلك [بالمثال] أنا إذا قلنا: قطع السرقة مشروع لصون الأموال وزجر السارقين فألزمنا عليه ما إذا نقب الواحد الحرز وسرق الآخر فلا قطع على وواحد منهما وهذا يخرم الحكمة المرعية في [صون] الأموال فإن [التسبب] إلى ما ذكرناه يسير ممكن.
وهذا على الحقيقة غامض من جهة أن الشخص الواحد إذا نقب وسرق فقد أخرج النقب الحرز عن حقيقته ولم يقدم على المال إلا وهو في مضيعة ثم لم نقل لا قطع عليه من حيث انفصل هتك الحرز عن أخذ المال وكان من الممكن أن