١٣٢٩- ومن تتمة القول فيه: إن قياس المعنى إذا انعكس كان العكس فيه ترجيحا فإذا لم يلتزم المعلل المعنى وتمسك بالاطراد والانعكاس كان متمسكه شبها وكان قريبا من القسم الثاني الذي يستند إلى ضرب الأمثلة كما قدمناه في إلحاق القليل بالكثير في ضرب العقل على العاقلة.
١٣٣٠- ومما ينقدح في هذا النوع أن يقول المتمسك به:
الأصل المسلم وظهاره والفرع الكافر وظهاره والجامع بينهما شبه الطلاق فنفوذ الطلاق من المسلم والذمي شبه جامع بينهما في الظهار فغلب على الظن وهذا وإن كان يستمر شبها فكل شبه يعتضد كما ذكرت في تقاسيم الأشباه فإن تمكن الجامع من إبداء معتضد الشبه كما تقدم مفصلا كان حسنا وإن أراد الاجتزاء بالطرد والعكس عاد إلى المسلك الأول.
والأحزم في قياس الدلالة الاكتفاء بالطرد والعكس فهذا النوع من القياس يجري في الأغلب من المسائل التي يكون المعنى ممكنا فيها ولكن يطول الكلام في تقريره وتتسع العبارة في محاولة ضم نشره والمناظر المتحذق يبغي ضم أطراف الكلام وإرهاق الخصم بالمسلك الأقرب والسبيل المهذب إلى مضيق التحقيق في إيراد فرق يعسر إيراده على شرطه.
فلو تكلف المناظر الجمع بين الطلاق والظهار بمعنى مناسب لكثرت المطالبات في وجوه المناسبات ولم يأمن الجامع من التعرض للنقض ما لم يتناه في التصون والتحرز فيؤثر والحالة هذه جعل الطلاق وصفا ويربط الظهار به حكما ويتخذ المسلم أصلا ويجعل معتمده في إثبات الطريقة جريانها طردا وعكسا.
١٣٣١- ومما يتعين الإحاطة به في هذا الصنف [أن] المعنى المخيل حكم مناسب لحكم أو صورة تنبئ العبارة عنها وتقع مناسبة وقد يكون الجامع نفي حكم أو نفي مع ظهور المناسبة والسلامة عن المبطلات فإذا ظهرت الإخالة واتضحت السلامة قيل: معنى مخيل مناسب جامع مستند إلى أصل. فلو قال المطالب وراء ذلك: فلم زعمت أن الحكم الذي قدر وصفا يقتضي الحكم الذي فيه النزاع؟
كان الجواب الكافئ فيه إيضاح الإخالة مع استمرار السلامة فإن أراد المطالب إبداء فرق بين الحكم المجعول وصفا وبين محل النزاع لم ينتظم فيه كلام على صورة الفرق ونظمه.