١٣٥٦- وقد تقدم القول في العلة القاصرة المقتصرة على محل النص فإذا رأينا صحتها فلو فرضنا علة متعدية عن محل النص ففي ترجيحها على القاصرة خلاف.
١٣٥٧- وحاصل ما قيل فيه ثلاثة مذاهب:
أحدها: وهو اختيار الأستاذ أبي إسحاق ترجيح القاصرة.
والثاني: وهو المشهور ترجيح المتعدية.
والثالث: وهو اختيار القاضي أنه لا ترجح إحداهما على الأخرى بالقصور والتعدي.
١٣٥٨- وأول ما يجب به الافتتاح تصوير المسألة:
فإن فرضنا علتين: قاصرة ومتعدية في نص واحد فالقول في هذا ينبني على أن الحكم الواحد هل يعلل بأكثر من علة واحدة وهذا أصل قد سبق تمهيده.
فإن لم يمتنع اجتماعهما فلا معنى لترجيح إحدى العلتين على الأخرى ولكن الوجه القول بالعلتين والقاصرة والمتعدية متوافيتان في محل النص الواحد لا تناقض بينهما ولا تعارض فإن المتعدية مستعملة مقول بها وراء النص.
وإن لم نر اجتماع [العلتين لحكم واحد فإذ ذاك] ينقدح الكلام في ترجيح القاصرة على المتعدية.
١٣٥٩-[أما الجمهور] من أرباب الأصول فذاهبون إلى ترجيح المتعدية ووجه قولهم أن العلل [تعني] كفوائدها والفائدة المتعدية فإن النص يغنى عن القاصرة فكان التمسك بالمتعدية أولى ومن رجع القاصرة احتج بأنها متأيده بالنص وصاحبها آمن من الزلل في حكم العلة فكان التمسك بها أولى.
١٣٦٠- ووجه القاضي: إن الفوائد بعد صحة العلل [وصحة العلل] ترتبط بما يصحهها مما يقتضي سلامتها عن المبطلات فإذا دل الدليل على الصحة.
واستمرت دعوى السلامة فلا نظر وراء ذلك في النتائج والفوائد قلت أو كثرت وليس من الرأى الترجيح بحكم العلة وهو النتيجه والفائدة.