للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألم ناجز وهذا معنى قول القائل من مات ولم يحج انبسطت المعصية على جميع سنى الإمكان فليفهم الناظر ما ذكرناه.

والذي يكشف الغطاء فيه أن الواجب المحقق المضيق لا يتميز عما ليس واجبا بوقوع العقاب بالتارك لا محالة فإن فضل الله مأمول وأمور العاقبة غيب فيئول حاصل الأمر إلى الرهب والخوف وليس بعد هذا البيان بيان وهو نجاز الطريقة.

١٥٤- ومما تمسك به أصحاب الفور النهي [على] النسق المقدم في مسألة التكرار فقالوا النهي يتنجز مقتضاه فليكن الأمر في معناه وقد سبق الكلام على النهي.

والذي نجدده الآن أن الخوض في هذه المسألة مشروط بالتوافق على أن الصيغة لا تقتضي استغراق الأوقات وإذا كان كذلك فالنهي بالاتفاق يقتضي الاستغراق فكيف يتجه تنزيل الأمر على النهي.

ومما تعلق به المتكلفون أن قالوا يجب الاعتقاد على الفور فليكن الامتثال كذلك وقد أوضحنا أن الاعتقاد أمر كلي لا اختصاص له بصيغة خاصة وإنما هو حكم جملي يتعلق بتطويق الشريعة وتصديق منهيها صلوات الله عليه وسلامه وهو يجري في الأمر المقيد بجواز التأخير كما سبق.

وشرطنا قبض الكلام بعد الوضوح وإعداد جمام التقرير للمشكلات فهذا منتهي مسلك أصحاب الفور.

١٥٥- فأما من لم ير الفور وجوز التأخير فمن مسالكهم ما ذكره القاضي أبو بكر رحمة الله عليه معتمدا لنفسه في اختيار هذا المذهب وذلك أنه قال الأوقات يعبر بها عن حركات الفلك واعتقاب طلوع الشمس وغروبها وهذه المعاني لا تعلق للتكاليف بها فإنها خارجة عن متعلق إرادات المكلفين واعتقاد ارتباط تعلق الامتثال المتلقي من الصيغة المطلقة بها بمثابة اعتقاد تعلق الامتثال بتارات وحالات تطرأ كالتغيم والإصحاء وغيرهما فالوجه فهم الامتثال وقطعه عن الأوقات فإن كان يجوز تقدير تعليق التكليف بها تصريحا وتقييدا فيجوز فرض ذلك في التارات التي ذكرناها من التغيم والصحو وربما عضد كلامه الذي استاقه في نفي تعيين الزمان بالمكان فإن المكان لا يتعين وإن كان الفعل يقع في مكان لا محالة فليكن الزمان كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>