للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصير إلى أن الحادث مقدور فيستحيل مع ذلك كونه مأمورا به فإن اقتران القدرة بالحادث معناه أنه بها وقع وهي في اقتضائها له نازلة معه منزلة العلة المقترنة بالمعلول الموجبة على رأى من يثبت العلة والمعلول فهذا وجه هذه المسألة إن اتجه.

وإن تفطن ذكى لوجه الحق خطر له في معارضة ذلك أن القدرة لا توجب المقدور لعينها إذ لو أوجبته لاستحال خلو القدرة عن المقدور وذلك يبطل إثبات القدرة الأزلية فإنها غير مقارنة للحوادث ولو فرض اقتران العالم بها لكان أزليا [والأزلي] يستحيل أن يكون مقدورا وفي خروجه عن كونه مقدورا سقوط القدرة فإن القدرة من غير مقدور محال.

ومن أنصف من نفسه علم أن معنى القدرة التمكن من الفعل وهذا إنما [يعقل] قبل الفعل وهو غير متخيل في واقع حادث في حالة الحدوث.

فلو سلم مسلم لأبي الحسن رحمه الله ما قاله في القدرة جدلا من تنزيل القدرة مع المقدور منزلة العلة مع المعلول وهيهات أن يكون الأمر كذلك "ولو" كان فلا يتحقق معه كون الحادث مأمورا به فإن الأمر طلب [و] اقتضاء وكيف يتصور أن يطلب كائن ويقتضى حاصل فقد لاح سقوط مذهبه في كل تقدير.

نعم قد يقال في الحادث هذا هو الذي أمر المخاطب به فأما أن ينجزم القول في تعلق الأمر به طلبا واقتضاء مع حصوله فلا يرتضى هذا المذهب لنفسه عاقل.

مسألة.

١٨٨- ذهب أصحابنا إلى أن المخاطب إذا خص بالخطاب ووجه الأمر عليه أو كان مندرجا مع اخر تحت عموم الخطاب وهو في حالة اتصال الخطاب به مستجمع لشرائط المكلفين فهو يعلم كونه مأمورا قطعا.

١٨٩- ونقلوا عن المعتزلة مصيرها إلى أنه لا يعلم ذلك في أول وقت توجه الخطاب عليه ما لم يمض زمان الإمكان ومتعلقهم فيه أنه غير عالم ببقاء الإمكان له إلى وقت انقراض زمان يسمع الفعل المأمور به والإمكان شرط التكليف والجاهل بوقوع الشرط جاهل بالمشروط لا محالة.

١٩٠- وسلك القاضي رحمه الله مسلكين: يتضمن أحدهما التشغيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>