للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الحاج١: وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له، ورآه من تعظيم عيده وعوناً له على مصلحة كفره، ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئاً من مصلحة عيدهم ... ولا يعانون على شيء من دينهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك، وهو قول مالك وغيره٢.

وقال ابن كثير عند حديث: "من تشبه بقوم فهو منهم" فليس للمسلم أن يتشبه بهم لا في أعيادهم ولا مواسمهم ولا في عباداتهم؛ لأن الله تعالى شرف هذه الأمة بخاتم الأنبياء الذي شرح له الدين العظيم القويم الشامل الكامل، الذي لو كان موسى بن عمران الذي أنزلت عليه التوراة وعيسى بن مريم الذي أنزل عليه الإنجيل حييّن لم يكن لهما شرع متبع، بل لو كانا موجود ين، بل وكل الأنبياء لما ساغ لواحد منهم أن يكون على غير هذه الشريعة المكرمة المعظمة، فإذا كان الله تعالى قد منّ علينا بأن جعلنا من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف يليق بنا أن نتشبه بقوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل، فقد بدلوا دينهم وحرفوه وأولوه حتى صار كأنه غير ما شرح لهم أولاً.


١ هو: محمد بن محمد أبو عبد الله العبدري المعروف بابن الحاج المغربي الفاسي، كان فقيهاً وعارفاً بمذهب مالك، قدم القاهرة وسمع بها الحديث وحدث بها، وكانت وفاته فيها سنة (٧٣٧هـ) وعمره ٨٠ عاماً. انظر: الديباج المذهب (٢/٣٢١ـ٣٢٢) ، الدرر الكامنة (٤/٢٣٤) .
٢ المدخل لابن الحاج (٢/٤٧ـ٤٨) ، وانظر: أحكام أهل الذمة لابن القيم (٢/٧٢٥) .

<<  <   >  >>