كانت الصحف تحدثت عنه، وعن ملابسات سجنه، فأخرج تلك الليلة، ليتسلم جائزته ويعود إلى السجن. رأيته، ومن صوره المنشورة عرفته، تقدمت نحوه، عانقته، قلت بغير همس: سجنوك ظلمًا أولاد الكلب!! ابتسم بدهشة، نظر إلى الأرض، قال: خد بالك.. الجماعة بوليس!! كان يقف بين رجلين، لم أنتبه إلى حقيقتهما قبل كلمته، التي لم يقلها همسا، عزّ علىّ أن أعدل موقفي أو أعتذر. بثبات قلت: أنا عارف!!
بعد ساعتين أخذت ميدالية طه حسين الذهبية، وستين جنيه نقدا، وانصرفت، وعاد نجيب إلى السجن "الميدالية سرقت مع ميداليات ذهبية أخرى من مكتبه في عطلة العيد، ولا تزال مباحث المعادي توالي التحري".
استمرت الصحف تشير إلى الأديب الذي يعلم أبناءنا الحرية، وهو محروم منها، فقد كانت قصة "الطريق الطويل" قد فازت بمسابقة القراءة ذات الموضوع الواحد فقررت على الصف الثاني الثانوي، والقصة عن النضال ضد الاحتلال البريطاني، تمكن كمال الدين حسين من الحصول على عفو "صحي". وخرج نجيب من السجن، وعاد ليكمل دراسته في كلية طب القصر العيني، بعد أربعين شهرًا في طرة، والقلعة، وغيرهما.
وهكذا التقينا من جديد، هو في الطب، وأنا في دار العلوم، وتحت لواء العشق القصصي نلتقي: نقرأ ونراجع ما نكتب، ونتبادل الخبرة، وكنت أحترم فيه تاريخه القديم في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، ولم أناقش معه أبدًا أهمية أو عدم أهمية، أو خطورة هذه التنظيمات، أما إذا ساقتنا ذكريات السجن فإنه كان يتحدث عنها حديث الفنان الساخر، وليس الممرور الحاقد، يصف