القومي في المنصورة -لأول مرة- يوم ٧ مايو ١٩٦١. سافرت مع نجيب وباكثير لأقوم لهما بواجب الضيافة في مدينتي وتحضرني ذكريات. رأيت عبد الناصر في معكسر إقامة الحرس الوطني "كنت متدربًا فيه" في حديقة شجر الدر "مكان جامعة المنصورة الآن" كان هذا أعقاب حوادث مارس ١٩٥٤.
عزل محمد نجيب. كرهنا عبد الناصر، وأوشكنا أن نتمرد على رفع السلاح تحية له، كان محمد نجيب أبًا طيبًا لشعب أطيب. وفي العيد القومي للمنصورة بعد سبع سنوات خطب عبد الناصر في جماهير تمتد بحجم المدينة ذاتها، دون مبالغة، وجد الناس امرأة مجهولة قيل إنها تولت غسل ثياب الرئيس في الليلة التي قضاها في المنصورة، وأثلج صدور أهل المدينة، وتناقلوا أن عبد الناصر قال للمحافظ: كيف تبني لنفسك هذا القصر بسبع حمامات؟ هل رأيت البيت الذي أسكن فيه؟
هكذا تلقى نجيب الكيلاني جائزته من يد عبد الناصر، الذي حبسه من قبل، وسيحبسه مرة أخرى، ولم أسمع يومًا عبارة ازدراء أو أمنية شريرة. كان يراه وطنيًّا عظيمًا، فقط: ليته كان معنا! وبمثل هذه اللغة كان يتحدث عن الإخوان "السابقين" الذين وجدوا لهم طريقًا آخر، فمثلا حدثني عن ياسر عرفات حين كان طالبا إخوانيًّا بهندسة القاهرة، وكيف ينسب -فيما بعد- إلى اتجاه نقيض.
بعد سنوات قلائل من لقائنا الأول، ربما عامان أو ثلاثة، ومعه مخطوط رواية جديدة، اختار لها عنوان:"الربيع العاصف"، طلب مني أن أقرأها، وأن أكتب دراسة نقدية تطبع معها!! عجبت للطلب، فقد كنت متخرجًا