إلى الشهادة الابتدائية على الأقل، وفي هذه الحالة سيظل كفاح والدتي مكتملًا، وإن كان الأمر فوق احتمالها.. فقد أخذ المرض والإعياء ينالان منها!
كنت حقًّا بين أمرين أحلاهما مر، ولكني لم ألبث أن اخترت بالاتفاق -معها- طريقًا وسطًا، هو أن أعمل في وقت فراغي، وهكذا كان، فعملت في الأمسيات، وعملت في الإجازات.. وهكذا وضعت كتفي الصغير إلى جوار كتفها الواهن، وواصلنا حياة صعبة المراس! ولكن ظل كتفها هو الذي يحمل العبء الأكبر.
وهكذا كانت أمي لي أبًا منذ صباي الباكر، وكانت هي عمي وخالي وإخواني وكل أقاربي، إذ لم يكن لي من هؤلاء أحد.
وهكذا استطاعت مع وسائلي الواهنة أن تحمل العبء إلى حين تخرجت من المعهد العلمي السعودي الذي حملت شهادته سنة ١٣٦١ هـ، عندئذ فقط أزحت كتفها من عبء النفقة، وهو لم يكن إلا أحد أعبائها الكثيرة.
أما العبء الأكبر فقد كان عبء التربية والرعاية، في هذا المجال كان عليها أن تكون أمًّا، وأن تكون أبًا.. وكان طبيعيًّا أن تمنح أمومتها لي ولأختي، ولكن أن تقوم بدور الأب أيضًا، فتلك هي المهمة الشاقة، كان عليها أن تكون مفتوحة العينين تمامًا لروحاتي وغدواتي وسائر تصرفاتي.. وأن تراقب صداقاتي وانتظامي في المدرسة، وأن تؤمن طلباتي المدرسية، وكان كل ذلك يتطلب نوعًا من الحزم، قلما يتوفر لدى الأمهات. وكان عليها