كان تحدثني بذلك، وعندما دارت الأيام وسكنتُ جدة عام ١٣٧٥هـ. وترددت على الأفندي محمد نصيف آخذ من علمه وأدبه وأحاديثه، وأتنسم هواء مكتبته الرائعة، قلت له ذات يوم خلال أحاديثنا المنفردة: إن والدتي من مدينته، من جدة، سألني متطلعًا:
- ابنة من هي؟
فلم أكد أذكر اسم والدها، حتى قال:
هل تعلم أن جدك هذا أول من استورد الكتب في جدة؟
قلت: كيف كان ذلك؟
قل: لقد كان جدك رجلًا ربعة القامة، نحيلًا، قمحي اللون، وكان له دكان في "زقاق الحبال" الذي كان هو الآخر يبيع الكتب، ثم نقل دكانته إلى جوار مدخل بيت باناجه المعروف في سوق الندى، وكان من عاداته أن يأخذ بضاعته من الكتب من آل الفدّا في باب السلام بمكة المكرمة، ولكنه جاءني ذات يوم، -الكلام للأفندي نصيف- وكان سني آنذاك حوالي العشرين، وقال لي: يا أفندي، أبغاك تكلفني عند فرج يُسر، وكان هذا رجلًا موسرًا، يقرض المحتاجين، وله مشاريع خيرية، أهمها أنه أجرى العين التي كانت معروفة باسمه آنذاك، أي عين فرج يسر، ومكانها تقريبًا في مكان جامعة الملك عبد العزيز اليوم، فاستفسرت منه عن الغرض من الضمان، قال: إنني أحتاج