إن الغذامي في نظر الدكتور عبد الحميد إبراهيم يعد من أفضل نقاد الحداثة؛ لأنه يحاول أن يعود في بعض الأمثلة إلى التراث، ولأنه يمتلك موهبة نقدية تتميز بالخصوصية، ولأنه يدعم حديثه النظري بنموذج تطبيقي، ولكنه من ناحية أخرى يخلط في القسم النظري في كتابه "الخطيئة والتكفير" المدارس بعضها ببعض، وما يقوله عن إحداها ينقله إلى الأخرى، وقد يقتبس من كلام بارت عناصر السيميلوجيا وهو بصدد الحديث عن البنيوية، ويخرج القارئ في النهاية دون تعريف محدد للمدارس، وهو يثني على الجميع، ولا يفرق بين واحد وآخر من الكتاب، وكل كاتب يصبح مدرسة، وكل مدرسة تعتبر فتحًا في مسير النقد العالمي.. إلخ.
لقد اختار الدكتور عبد الحميد إبراهيم الغذامي نموذجًا لنقاد الحداثة، لأنه يرى أنهم جميعًا يكررون أنفسهم، وأنهم طبعات متكررة لنسخة واحدة، فيقول في صدر كتابه "أقرأ لواحد من نقاد الحداثة فكأنني قد قرأت للجميع، وأقرا كتاب الواحد منهم فكأنني قد قرأت جميع كتبه.. وما أظن أن ذلك بسبب ذكاء نادر عندي، وإنما لأن المصادر واحدة، واللغة واحدة، بل إن المصطلحات والأعلام تكاد تتكرر من ناقد إلى ناقد، ومن كتاب إلى آخر".
أما رأيه في كتاب "الخطيئة والتكفير" فيتلخص في أن مقدماته تختلف عن نتائجه، وأن أول الكتاب حديث عن الموضوعية العلمية، وهتاف بسقوط التحليلات النفسية، وآخره تجسس على شخصية الشاعر، وبحث عن دوافعه، وتحليل لعقده واتجاهاته، ونبش لحياته الخاصة، وحديث عن فلسفة الرفض عنده