للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقف على قدميه شامخًا، وأخذ أمه ووضعها في "دار المسنين".

لقد أخطأنا عندما قلنا: "دارًا" ليتنا قلنا: "عالمًا" يضم عبرات حزينة، يضم حرقة قلوب رحيمة! وممن يا ترى؟! من فلذات الأكباد.

أما زلتَ صداحًا يا أيها الطير؟! ارفع الصوت بالأهازيج والغناء، علك تحرك مشاعر الأبناء، علك تضمد جرح الأمهات والآباء!

ما الذي يدفع هذا الابن حتى يلقي بأمه في تلك الدار؟!

لقد كانت بطنها له وعاء، واليوم هذا البيت ضاق بها، أم أن تلك الزوجة لم تعد تحتمل أن ترى عجوزًا مسنة تشاركها في البيت، وربما القيم والعادات الغربية أفسدت النفوس والقلوب.

دع عنك العقوق، فإن الحقوق ضاعت، فهل تجد من يبحث عنها ويرجعها إلى أصحابها؟ ربياك صغيرًا، فارحمهما وأنت كبير.

عبست في وجهك، وبَسَرت في عينيك، فقلت لأمك: دعيني، فسوف أزورك في كل أسبوع، ويمضي أسبوعان، ويفيض حنان الأمومة لديها، وينافس قلبُكَ الصخرَ قساوةً.

وتمضي شهور، ثم تتذكر أن لك أمًّا!

لقد أبعدت ينبوعًا من الحنان يتدفق بشدة، أما أنت مشتاق إلى ذلك الينبوع؟ أم استغنيت عن فيضه؟! تقول: بلى، أنا مشتاق وعندي لوعة.

تُرى أين اللوعة؟ وأين إحسانك إلى والديك؟

<<  <   >  >>