يتكون من كميات نغمية تتكرر عدة مرات لتؤدي الإيقاع الموسيقي الذي هو أهم خصائص الشعر.
كما يلاحظ أيضًا أنه أخذ في هذا التعريف تردُّد القوافي وتكرارها على نظام خاص وشروط محددة تفصلها كتب العروض، وكأنما تصنع القافية وقفة موسيقية في نهاية البيت، يبدأ بعدها التفاعل في البيت الذي يأتي بعد ذلك.
أما تقييد مفهوم الشعر"بالقصد" فيبدو أن الدافع لهذا القيد ديني لا علمي، كيلا يدخل الشعر بعض آيات القرآن الكريم التي تصادف مجيئها على وزن بعض البحور، مثل:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وكذلك ما نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم من عبارات موزونة "بدون قصد"، مثل:"أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب"، والقرآن ورسول الله منزهان عن الشعر وقوله، فقد وضع هذا القيد إذن لسب ديني، يؤيد ذلك أن هذه العبارات الموزونة أو سامعها لا يعْلَق بذهنه منها أنها تنتمي بسببٍ إلى الشعر.
على أنه ينبغي أن يُعلم مع ذلك أن علماءنا الأقدمين -وإن فهموا الشعر هذا الفهم الذي يعتمد على شكله الموسيقي- عرفوا للشعر قيمًا أخرى يحملها وحده، وتعد من سماته المميزة، وهي قيم فنية نص عليها بعض الدراسين منهم.
قال الجاحظ:"الشعر شيء تجيش به صدورنا، فتقذفه على ألسنتنا".
ويقول ابن خلدون:"قول العروضيين في حَدِّهِ: "إنه الكلام الموزون المقفَّى" ليس بحد لهذا الشعر الذي نحن بصدده ولا رسم له، وصناعتهم إنما تنظر في الشعر باعتبار ما فيه من الإعراب والبلاغة والوزن والقوالب الخاصة، فلا جرم أن حدهم لا يصلح له عندنا، فلا بد من تعريف يعطينا حقيقته من