وإن ضمن الآكل رجع في أحد القولين، ولا يرجع في الآخر، وهو الأصح، وإن قدمه إليه ولم يقل: هو لي، أو مغصوب، فضمن الآكل؛ رجع في أحد القولين دون الآخر، وإن ضمن الغاصب؛ فإن قلنا: لا يرجع الآكل على الغاصب رجع الغاصب، وإن قلنا: يرجع الآكل لم يرجع، وإن أطعم المغصوب منه وهو يعلم برئ الغاصب، وإن لم يعلم ففيه قولان: أحدهما: يبرأ. والثاني: لا يبرأ.
وإن رهن المغصوب منه من الغاصب لم يبرأ من الضمان، وإن أودعه إياه فقد قيل: يبرأ. وقيل: لا يبرأ.
وإن فتح قفصًا عن طائر فوقف ثم طار لم يضمن، وإن طار عقيب الفتح ففيه قولان: أصحهما: أنه لا يضمن، وإن فتح زقًّا فيه مائع فاندفق ما فيه ضمن، وإن بقي ساعة ثم وقع بالريح فسال ما فيه لم يضمن، وإن كان ما فيه جامدًا فذاب بالشمس وخرج ضمن. وقيل: لا يضمن، وليس بشيء، وإن سقى أرضه فأسرف حتى هلك أرض غيره، أو أجّج نارًا على سطحه فأسرف حتى تعدّى إلى سطح غيره؛ ضمن، فإن غصب حرًّا على نفسه لزمه تخليته، فإن استوفى منفعته ضمن الأجرة، وإن حبسه مدة ضمن. وقيل: لا يضمن، وإن غصب كلبًا فيه منفعة لزمه رده، وإن غصب خمرًا من ذمي وجب ردها عليه، وإن أتلفها لم يضمن، وإن غصبها من مسلم أراق، فإن صارت خلًّا رده، وإن غصب جلد ميتة ردّه، فإن دبغه فقد قيل: يرد. وقيل: لا يرد. وإن غصب عصيرًا فصار خمرا، ثم صار خلًّا؛ ردّه وما نقص من قيمة العصير. وقيل: يرد الخل، ويضمن مثله من العصير وأرش ما نقص، وليس بشيء. وإن غصب صليبًا أو مزمارًا فكسره لم يضمن الأرش. وإن اختلفا في ردّ المغصوب فالقول قول المغصوب منه، وإن اختلفا في قيمته فالقول قول الغاصب.
[باب الشفعة]
لا تجب الشفعة إلا في جزءٍ مشاعٍ من العقار محتمل للقسمة، فأمّا الملك المقسوم فلا شفعة فيه، وغير العقار من المنقولات لا شفعة فيه، وأما البناء والغراس فإنه إن بيع مع الأرض ففيه الشفعة، وإن بيع منفردًا فلا شفعة