لضرورة؛ فإن كان ذلك بسبب ظاهر -كالحريق، والنهب، وما أشبههما- لم يُقبل إلا ببينة، ثم يحلف أنها هلكت، فإن كان بسبب خفي قُبل قوله، فإن قال: ما أودعتني؛ فالقول قوله، فإن أقام المدعي بينة بالإيداع، فقال: أودعتني (١)، ولكن هلكت، فأقام المودَع بينة أنها هلكت قبل الجحود سُمعت. وقيل: لا تُسمع، وإن قال: مالك عندي شيء، فأقام البينة بالإيداع، فقال: أودعتني، ولكن تلفت؛ قُبل قوله.
[باب العارية]
من جاز تصرفه في ماله جازت إعارته, ويجوز إعارة كل ما يُنتفع به مع بقاء عينه، ويكره إعارة الجارية الشابة من غير ذي رحم، ويحرم إعارة العبد المسلم من الكافر، والصيد من المحرم, ويكره أن يستعير أحد أبويه للخدمة، ومن استعار أرضًا للغراس والبناء جاز أن يزرع، وإن استعار للغراس لم يبن، وإن استعار للبناء لم يغرس. وقيل: يغرس فيما استعار للبناء، ويبني فيما استعار للغراس، وليس بشيء، وإن قال: ازرع الحنطة زرع الحنطة وما ضرره ضرر الحنطة, وان قال: ازرع، ولم يسمّ شيئًا ثم رجع والزرع قائم؛ فإن كان مما يحصد قصيلًا حصد، وإن لم يحصد ترك إلى الحصاد، وعليه الأجرة من حينئذ, وإن قال: ازرع الحنطة لم يقلع إلى الحصاد، وإذا استعار أرضًا للغراس أو البناء مدة جاز أن يغرس ويبني إلى أن تنقضي المدة أو يرجع فيها، فإن استعار مطلقًا جاز له الغراس والبناء ما لم يرجع، فإن رجع فيها؛ فإن كان قد شرط عليه القلع أُجبر عليه، ولا يكلف تسوية الأرض، وإن لم يشترط، واختار المستعير القلع، وقلع؛ لم يكلف تسوية الأرض. وقيل: يكلف ذلك، وإن لم يختر فالمعير بالخيار بين أن يبقي ذلك وبين أن يقلع، ويضمن له أرش ما نقص بالقلع، وإن تشاحا لم يمنع المعير من دخول أرضه, ويمنع المستعير من دخولها للتفرج، ولا يمنع من دخولها للسقي والإصلاح. وقيل: يمنع من ذلك، فإن أراد صاحب الأرض بيع الأرض جاز، وإن أراد صاحب الغراس بيع الغراس جاز. وقيل: لا
(١) في المطبوع: (فقال: قد كان أودعتني)، والتصويب من كفاية النبيه. [معده للشاملة].