والثالث: يخيّر، فإن اختار السهم فسخت الإجارة وسقطت الأجرة، وإن اختار الأجرة سقط السهم.
وفي تجّار العسكر قولان: أحدهما: يسهم لهم. والثاني: يرضخ. وقيل: إن قاتلوا أسهم لهم، وإن لم يقاتلوا فعلى قولين، ومن أين يكون الرضخ؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: من أصل الغنيمة كالسلب. والثاني: من أربعة أخماسها. والثالث: من سهم المصالح.
وإن خرجت سريتان إلى جهةٍ فغنمت إحداهما شيئًا قسم بين الجميع، وإن بعث أمير الجيش سريتين إلى موضعين فغنمت إحداهما اشتركوا فيه. وقيل: ما يغنمه الجيش مشترك بينه وبين السريتين وما يغنم كل واحد من السريتين، ويكون بين السرية الغانمة وبين الجيش لا يشاركها فيه السرية الأخرى.
وأما الفيء: فهو كل مالٍ أخذ من الكفار من غير قتال؛ كالمال الذي تركوه فزعًا من المسلمين والجزية والخراج والأموال التي يموت عنها صاحبها ولا وارث له من أهل الذمة، وفيها قولان: أحدهما: أنها تخمس، فيُصرف خمسها إلى أهل الخمس. والثاني: لا يُخمس إلا ما هربوا عنه فزعًا من المسلمين.
وفي أربعة أخماسها قولان: أحدهما: أنها لأجناد المسلمين، يقسم بينهم على قدر كفايتهم. والثاني: أنها للمصالح، وأهمها: أجناد الإسلام، فيُعطون من ذلك قدر كفايتهم، والباقي للمصالح، ويبدأ فيه بالمهاجرين، ويقدّم الأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسوّى بين بني هاشم وبني المطلب، فإن استوى بطنان في القُرْب قدّم من فيه أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بالأنصار، ثم بسائر الناس.
ومن مات منهم دفع إلى ورثته وزوجته الكفاية، وإن بلغ الصبي واختار أن يفرض له فرض له، وإن لم يختر (١) ترك.
ومن خرج عن أن يكون من أهل المقاتلة سقط حقه.
وإن كان في مال الفيء أراضٍ وقلنا: إنها للمصالح صارت وقفًا يصرف غلتها فيها، وإن قلنا: للمقاتلة قسمت بينهم. وقيل: تصير وقفًا، ويقسم غلتها بينهم.
[باب عقد الذمة، وضرب الجزية]
لا يصحّ عقد الذمة إلا من الإمام أو ممن فوّض إليه الإمام، ولا يعقد الذمة
(١) في المطبوع: (إن لم يخسر)، والتصويب من كفاية النبيه. [معده للشاملة].