كان دارًا فبأنْ يبني ويسقف، وإن كان حظيرة فبأن يحوط عليها، وينصب عليها الباب، وإن كان مزرعة فبأن يصلح ترابها، ويسوق إليها الماء، ويزرع في ظاهر المذهب. وقيل: يملك وإن لم يزرع، وإن كان بئرًا أو عينًا فبأن يحفرها حتى يصل إلى الماء، فيملك المحيا وما فيه من المعادن والشجر والكلأ وما ينبت فيه وينبع، ويملك معه ما يحتاج إليه من حريمه ومرافقة. وقيل: لا يملك الماء، والمذهب الأول، ولا يجب عليه بذل شيء من ذلك إلا الماء؛ فإنه يجب عليه بذل فضله للبهائم دون الزرع، وإن تحجر شيئًا من الموات بأن شرع في إحيائه ولم يتمم فهو أحق به، فإن نقله إلى غيره صار الثاني أحق به، وإن مات قام وارثه مقامه فيه، وإن باع لم يصحّ بيعه. وقيل: يصح، وإن لم يحيي وطالت المدة قيل له: إما أن تحيي، وإما أن تخليه لغيرك، فإن استمهل أمهل مدة قريبة، فإن لم يحيي جاز لغيره أن يحييه، وإن أقطع الإمام مواتًا صار المقطع كالمتحجر، وما بين العامر من الشوارع والرحاب ومقاعد الأسواق لا يجوز تملكها بالإحياء، ولا يجوز فيها البناء، ولا البيع، ولا الشراء، ومن سبق إلى شيء منها جاز له أن يرتفق بالقعود فيه ما لم يضرّ بالمارة، فإن قام ونقل عنه قماشه كان لغيره أن يقعد فيه، وإن طال مقامه وهناك غيره أقرع بينهما. وقيل: يقدم الإمام أحدهما، فإن أقطع الإمام شيئًا من ذلك صار المقطع أحق بالارتفاق به، وإن نقل عنه قماشه لم يكن لغيره أن يقعد فيه.
ومن حفر معدنًا باطنًا لا يتوصل إلى نيله إلا بالعمل كمعدن الذهب والفضة والحديد وغيرها فوصل إلى نيله ملك نيله، وفي المعدن قولان: أحدهما: يملكه إلى القرار. والثاني: أنه لا يملكه، فإذا انصرف كان غيره أحق به، وإن طال مقامه وهناك غيره، أو سبق اثنان إليه؛ أقرع بينهما. وقيل: يقدم الإمام أحدهما، وإن أقطع شيئًا من ذلك؛ فإن قلنا: إنه يملك المعدن بالعمل صحّ الإقطاع، وصار المقطع أحق به من غيره، وإن قلنا: لا يملك ففي الإقطاع قولان: أحدهما: لا يصح. والثاني: يصح فيما يقدر على العمل فيه.
ومن سبق إلى معدن ظاهر يتوصل إلى ما فيه بغير عمل -كالقار (١) ,
(١) القا: هو الزفت. انظر: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج باب إحياء الموات.