وإن وجد في بلد الكفار وفيه مسلمون فقد قيل: هو مسلم. وقيل: هو كافر.
فإن التقطه حر مسلم أمين مقيم أقرّ في يده، ويستحب أن يشهد عليه على ما معه. وقيل: يجب ذلك، فإن كان له مال كان نفقته في ماله، ولا ينفق عليه الملتقط من ماله بغير إذن الحاكم، فإن أنفق بغير إذنه ضمن، فإن أذن له الحاكم جاز. وقيل: على قولين: أصحهما: أنه يجوز.
وإن لم يكن حاكم وأنفق عليه من غير إشهاد ضمن، وإن أشهد ففيه قولان: وقيل: وجهان: أحدهما: يضمن. والثاني: لا يضمن، وإن لم يكن له مال وجبت نفقته في بيت المال، فإن لم يكن ففيه قولان: أحدهما: يستقرض له في ذمته, والثاني: يقسط على المسلمين من غير عوض، وإن أخذه عبد أو فاسق لم يقرّ في يده، وإن أخذه كافر؛ فإن كان اللقيط محكومًا بإسلامه لم يقرّ في يده, وإن كان محكومًا بكفره أقر في يده، وإن أخذه ظاعن؛ فإن لم يختبر أمانته لم يقرّ في يده، وإن اختبر نظر؛ فإن كان ظاعنًا إلى البادية واللقيط في حضر لم يقرّ في يده، وإن كان ظاعنًا إلى بلد آخر ففيه وجهان، وإن كان اللقيط في البادية فأخذه حضري يريد حمله إلى الحضر جاز، وإن كان بدويًا؛ فإن كان له موضع راتب أقرّ في يده، وإن كان ينتقل من موضع إلى موضع فقد قيل: يقرّ. وقيل: لا يقرّ، وإن التقطه رجلان من أهل الحضانة وأحدهما موسر والآخر معسر فالموسر أولى، وإن كان أحدهما مقيمًا والآخر ظاعنًا فالمقيم أولى، وإن تساويا وتشاحا أقرع بينهما، فإن ترك أحدهما حقه أقرّ في يد الآخر. وقيل: يرفع الأمر إلى الحاكم (١) حتى يقرّ في يد الآخر، وليس بشيء، وإن ادّعى كل واحد منهما أنه الملتقط؛ فإن كان في يد أحدهما فالقول قوله مع يمينه، وإن كان في يدهما أقرع بينهما، وإن لم يكن في يد واحد منهما سلّمه الحاكم إلى من يرى منهما أو من غيرهما، وإن أقام أحدهما بينة حُكم له، وإن أقاما بينتين مختلفتي التاريخ قدّم أقدمهما تاريخًا، وإن كانتا متعارضتين سقطتا في أحد القولين، وصار كما لو لم تكن لهما بينة، وإن ادّعى نسبه مسلم لحق به، وتبعه في الإسلام، فإن كان هو الملتقط استحب أن يقال له: من أين هو ابنك؟ فإن ادّعاه كافر لحق به، فإن أقام البينة على ذلك تبعه الولد في الكفر، وسلّم إليه، وإن لم يقم البينة لم يتبعه في
(١) في المطبوع: (ير فع إياها الحاكم)، والتصويب من كفاية النبيه. [معده للشاملة].