ويستحبّ أن يجلس للحكم في موضعٍ فسيحٍ بارزٍ يصل إليه كل أحد.
ولا يحتجب إلا لعذر.
ولا يجلس للقضاء في المسجد، وإن اتّفق جلوسه فيه فحضره الخصمان لم يُكره أن يحكم بينهما.
ويستحبّ أن يجلس مستقبل القبلة، ويجلس وعليه السكينة والوقار من غير جبرية ولا استكبار، ويترك بين يديه القمطر (١) مختومًا، ويجلس الكاتب بقربه ليشاهد ما يكتبه.
ويستحبّ أن لا يحكم إلا بمشهد من الشهود وبمحضرٍ من الفقهاء، فإن اتّفق أمر مشكل شاورهم فيه، فإن اتضح له الحق حكم به، وإن لم يتضح أخّره إلى أن يتضح.
ولا يقلّد غيره في الحكم. وقيل: إن حضره ما يفوته -كالحكم بين المسافرين وهم على الخروج- جاز أن يقلِّد غيره ويحكم، وليس بشيء.
وإن حضره خصوم بدأ بالأول فالأول، وإن كان فيهم مسافرون قدَّمهم، إلا أن يكثروا؛ فلا يقدِّمهم، فإن استوى جماعة في الحضور أو أشكل السابق منهم أُقرع بينهم، فمن خرجت عليه القرعة قدِّم، ولا يقدَّم السابق في أكثر من حكومة.
ويسوّي بين الخصمين في الدخول والمجلس والإقبال عليهما والإنصات إليهما، فإن كان أحدهما مسلمًا والآخر كافرًا قدَّم المسلم على الكافر في الدخول، ورفعه عليه في المجلس، ولا يضيف أحدهما، ولا يسارّه، ولا يلقن أحدًا دعوى ولا حجة، ولا يعلمه كيف يدعي، وقيل: يجوز أن يعلّمه، والأول أصحّ، وله أن يزن عن أحدهما ما لزمه، وله أن يشفع له إلى خصمه.
وأوّل ما ينظر فيه أمر المحبسين، فمن حُبِس بحقٍّ ردَّه إلى الحبس، ومن حُبِس بغير حق خلّاه، ومن ادّعى أنه حبس بغير خصم نادى عليه، ثم يحلفه ويخليه، ثم ينظر في أمر الأيتام والأوصياء، ثم في أمر أمناء القاضي، ثم في أمر الضوالّ واللقطة.
وإن كان القاضي قبله لا يصلح للقضاء نقض أحكامه كلها أصاب فيها أو أخطأ، فإن استعداه خصمٌ على القاضي قبله لم يحضره حتى يسأله عما بينهما، فإن ادّعى عليه مالًا غصبه أو رشوة أخذها على