إذا ادَّعى رجلٌ على رجلٍ حقًّا فأنكره ولم تكن للمدَّعِي بينة؛ فإن كان ذلك في غير الدم حلف المدَّعى عليه، فإن نكل عن اليمين؛ فإن كان الحق لغير معيّن -كالمسلمين والفقراء- حُبِس المدَّعى عليه حتى يحلف أو يدفع الحق. وقيل: يُقضى عليه بالنكول، وإن كان الحق لمعيّن رُدّت اليمين عليه، فإن حلف استحقّ، وإن أخَّر لعذرٍ لم يسقط حقّه من اليمين، وإن كان الدعوى في دم؛ فإن كان هناك لَوْثٌ حلف المدَّعِي خمسين يمينًا، ويُقضى له بالدية، وإن كان الدعوى في قتل عمدٍ ففي القود قولان: أصحهما: أنه لا يجب، فإن كان المدَّعِي جماعة ففيه قولان: أحدهما: يحلف كل واحد خمسين يمينًا. والثاني: تُقسَّط عليهم الخمسون على قدر مواريثهم، ويجبر الكسر (١)، فإن نكل المدَّعِي عن اليمين رُدّت اليمين على المدَّعَى عليه، فيحلف خمسين يمينًا، فإن كانوا جماعة ففيه قولان: أحدهما: يحلف كل واحد خمسين يمينًا. والثاني: يقسم عليهم الخمسون على عدد رؤوسهم، وإن لم يكن لَوْثٌ حلف المدَّعِي عليه يمينًا واحدة في أحد القولين، وخمسين يمينًا في الآخر، وإن كان الدعوى على اثنين وعلى أحدهما لَوْثٌ دون الآخر حلف المدَّعِي على صاحب اللوث، وحلف الذي لا لَوْثَ عليه.
واللَّوْث: هو أن يوجد القتيل في محلِّة أعدائه ولا يخالطهم غيرهم، أو تزدحم جماعة فيوجد بينهم قتيل، أو تتفرَّق جماعة عن قتيل في دار، أو يُرى القتيل في موضعٍ لا عين فيه ولا أثر وهناك رجل مخضَّبٌ بالدم، أو يشهد عدل أنه قتله فلان، أو يشهد جماعة من النساء أو العبيد بذلك، فإن شهد شاهد أنه قتله فلان بالسيف، وشهد آخر أنه قتله بالعصا؛ فقد قيل: هو لوث. وقيل: ليس بلوث، وإن شهد واحدٌ أنه قتله زيد، وشهد آخر أنه أقرَّ بالقتل؛ ثبت اللوث، ولو شهد اثنان أنه قتله أحدُ هذين الرجلين ولم يعينا ثبت اللوث على أحدهما، ولو شهد شاهد على رجل أنه قتل أحد هذين الرجلين لم يثبت اللوث، وإن ادَّعى أحد الوارثين القتل على واحد في موضع اللوث، وكذبه الآخر؛ سقط اللوث في أحد القولين، ولم يسقط في الآخر، فيحلف المدَّعِي، ويستحق نصف الدية، وإن ادَّعى القتل على رجلٍ مع اللوث، وأقرَّ آخر أنه قتله؛
(١) في المطبوعة: (السكر)، والمثبت من كفاية النبيه. [معده للشاملة].