كان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس ذكراً لربه، حياته كلها ذكرٌ لمولاه، فدعوته وخطبه ومواعظه وعبادته وجهاده وفتاويه ذكر، وليله ونهاره، وسفره وإقامته، وأنفاسه كلها ذكرٌ لمولاه عز وجل، فقلبه معلقٌ بربه، تنام عيناه ولا ينام قلبه، بل النظر إليه يذكر الناس بربهم، وكل مراسيم حياته ومناسباته ذكرٌ لخالقه جلَّ في علاه.
وكان صلى الله عليه وسلم يحث الناس على ذكر ربهم، فيقول:{سبق المفردون، قيل: ومن المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات} ويقول: {مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت} ويقول: {لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله} وأخبر أن أفضل الناس أكثرهم ذكراً لربه، وروى عن ربه عز وجل قوله:{أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه} ويقول: {من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه}.
وله عليه الصلاة والسلام عشرات الأحاديث الصحيحة التي تحث على الذكر وترغب فيه؛ في التهليل، والتسبيح، والتحميد، والتكبير، والحوقلة، والاستغفار، والصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، وكان يُذكر الناس بأجر الذكر، وما يترتب على ذلك من ثواب، وذكر الأعداد في ذلك مع ذكر المناسبات، وعمل اليوم والليلة، فهو صلى الله عليه وسلم الذاكر الشاكر الصابر، وهو الذي ذكر الأمة بربها، وعلمها تعظيمه وتسبيحه، وبين لها فوائد الذكر ومنافعه، فهو أسعد الناس بذكر ربه، وأهناهم عيشاً بهذه النعمة، وأصلحهم حالاً بهذا الفضل، فكان له أوراد من الأذكار، مع حضور قلبٍ، وخشوعٍ، وهلوعٍ، وهيبةٍ، وخوفٍ، ومحبةٍ، ورجاءٍ وطمعٍ في فضل ربه.