للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً" (١) .

وجه التعارض:

إن من يقرأ حديث ابن عمر –رضي الله عنه- (استفتى عمر النبي –صلى الله عليه وسلم- أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ) ؛ يفهم من هذا الحديث أن الوضوء شرط لجواز النوم مع الجنابة، والشرط يأخذ مأخذ الأمر، وقد جاء في بعض الروايات "وليتوضأ" بصيغة الأمر، والأمر للوجوب. فيستدل بهذا الحديث على وجوب الوضوء.

كما أن من يقرأ حديث علي بن أبي طالب (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب) يستدل به على التغليظ الشديد على من ينام وهو جنب، ففيه زجر ونهي عن النوم على حاله.

ومن يقرأ حديث عائشة –رضي الله عنها- (كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء) يفهم منه أنه يجوز للجنب أن ينام على حاله من غير أن يقرب الماء جسده، فيستدل به على جواز ما كان غير جائز في الحديثين الأولين، وبهذا يحصل التعارض، فيحتاج إلى من يوضح له الطريق لحل هذا الإشكال وإزالته، وقد تكلم العلماء في ذلك، ودرؤوا هذا التعارض بما أزال الإشكال وأذهب اللبس، والحمد لله

أقوال العلماء في درء التعارض:

١- ذهب الطحاوي رحمه الله إلى القول بنسخ الأمر بالوضوء إيجابا سواء كان ذلك للنوم على طهارة أو كان الوضوء للذكر أو لمعاودة الجماع، وأن ذلك كان في أول الأمر إيجابا ثم نسخ الوجوب إلى الاستحباب.


(١) أخرجه أبو داود (١/٥٨) ، والترمذي (١/٢٠٢) ، وابن ماجة (١/١٩٢) ، وأحمد (٦/٤٣، ١٠٢،١٠٩) ، والبيهقي (١/٢٠١) ، والطحاوي (١/١٢٥،١٢٤) ، والبغوي (٢/٣٥) ، وأعله الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/١٢٦) ، وضعفه النووي في شرح مسلم (٣/٢١٨) ، وصححه أحمد شاكر (تحقيق سنن الترمذي ١/٢٠٦) ، والألباني (صحيح الجامع ٤/٢٧٨) ، قلت: الحديث صحيح.

<<  <   >  >>