ومن محاسن هذا الدين الخالد؛ حثه الناس أن يكونوا طاهرين في كل أحوالهم، ومناحي حياتهم، فهو دين الطهر والسمو والرفعة والنقاء، فإن أصيب المسلم أو المسلمة بنجاسة، كجنابة أو حيض أو غيرها؛ أمرا بالتطهر. وفي مبحثنا هذا ترد الآية الكريمة التي تحث على النظافة والطهر في حال الحيض وتأمر باعتزال النساء خلاله، حيث يقول الحق تبارك وتعالى:" {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}(١) .
غير أن الفقهاء -رحمهم الله تعالى- اختلفوا في معنى الاعتزال، فمنهم من ذهب إلى أن المقصود به النهي عن الجماع، ويبيح الاستمتاع بما دون ذلك، كما ذهب فريق آخر إلى أن المقصود اعتزال ما تحت الإزار، ويبيح الاستمتاع بما فوقه.
واعلم أن لكل فريق أحاديث استدلوا بها، ويرى الناظر فيها أنها تتعارض فيما بينها.
أما أحاديث الفريق الأول، فمنها:
١- "اصنعوا كل شيء إلا النكاح".
٢- عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوباً".
وأما أحاديث الفريق الآخر، فمنها:
عن عائشة قالت: "كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يباشرها أمرها أن تتزر فور حيضتها ثم يباشرها".
ذكر ما استدل به على أن الرجل يجب أن يعتزل من زوجته الحائض موضع النكاح فقط: