للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعلوم أن أعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء، ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك. (١)

وعلى هذا يجب الإتيان بالتسمية، ولا يلتفت إلى كراهة الذكر مع عدم الطهارة لتعذر الجمع بينهما هنا.

فإن قيل: من أين لك بإيجاب التسمية؟ قلت: من قوله: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" فهذا نفي للصحة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

٢- أما قوله (لا وضوء) أي لا وضوء كاملاً، فهذا يحتاج إلى دليل فإن النفي إذا وجد في النص انصرف إلى نفي الوجود، فإن دل دليل على الوجود انصرف إلى الصحة، فإن دل دليل على الصحة انصرف إلى الكمال.

وهنا ينصرف النفي من الوجود إلى الصحة حيث أن المتوضئ دون تسمية قد حصل منه الوضوء وأعماله، فلا نستطيع أن نقول لمن رأيناه غسل وجهه ويديه ومسح رأسه وغسل رجليه ولم ينو بذلك الوضوء أنك لم تتوضأ؛ ولكن نقول لم يصح وضوؤك.

أما أن نقول لم يكمل وضوؤك فهذا صرف للنفي إلى غير ما دل عليه دون صارف صحيح، وقد ورد حديث لو صح لكان حجة لهم ينقل النفي إلى نفي الكمال، وهو حديث ابن مسعود ولفظه: "إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله عليه، فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر أحدكم اسم الله فإنه لا يطهر إلا ما مر عليه الماء" (٢) .

وقد روي هذا الحديث من طريق أبي هريرة (٣) وابن عمر (٤) ، ولكن لا يصح منها شيء.

٣- أما من جهة النظر فليست تقوم بها حجة في مقابل النص. والله أعلم.

المبحث الخامس:

هل تجب المضمضة والاستنشاق في الوضوء.

ويختلف العلماء في حكم المضمضة والاستنشاق والاستنثار، فمن بين نادب لها وموجب، أو موجب لبعضها كمن يوجب الاستنثار دون المضمضة.


(١) يراجع: فتح الباري ١/٤٠٧، ٤٠٨.
(٢) قال ابن حجر: تفرد به يحيى بن هاشم الكوفي عن الأعمش وهو متروك الحديث، متفق على ضعفه. نتائج الأفكار ١/٢٣٦.
(٣) قال النووي: ضعيف عند أئمة الحديث. المجموع ١/٣٤٣.
(٤) أخرجه البيهقي ١/٤٤ وقال: ضعيف.

<<  <   >  >>