للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- أن ما ذهب إليه ابن حزم من إيجاب الغسل يسلم مع تحسيننا لحديث أبي هريرة، وهو أقوى من جميع ما فنده من أدلة خصمه، ولعله لم يطلع عليه أو لم يصله، ولو أنه اطلع عليه فلربما يكون له رأي آخر، إلا أن لا يثبت عنده، وهو عندي أثبت من حديث أبي هريرة.

ومن هنا يبقى لدينا في المسألة حديث ثابت معارض لحديث أبي هريرة، وهو حديث ابن عباس.

٢- أن ما ذهب إليه الجمهور من الجمع بين الأحاديث أولى وأصح، حيث قالوا باستحباب الغسل من غسل الميت، ومن تركه فلا شيء عليه.

ويؤيد هذا الجمع ما أوردوه من علل في عدم إيجاب الغسل فإنها علل قوية.

وقد ذكرت جمله منها فيما تقدم من أقوال العلماء. (١)

المبحث الخامس:

هل يجب دلك الرأس من غسل الجنابة.

ومن المسائل التي اختلف فيها العلماء لتعارض أدلتها: مسألة دلك الرأس أثناء الغسل.

فقد وردت أحاديث كثيرة تتعارض في ظاهرها، فبعضها يدل على أنه يجب دلك الرأس وإيصال الماء إلى كل شعرة، وبعضها الآخر يدل على أنه لا يجب ذلك، وإنما يكتفي بحثو الماء وإفاضته على جسده.

فما يدل على الوجوب:

١- "من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها، فعل به كذا وكذا في النار".

٢- "كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيده ثم يفيض الماء على جلده كله".

٣- إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشر".

ومما يستدل به على عدم الوجوب:

١- "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأخذ ثلاثة أكف، ويفيضها على رأسه، ثم يفيض على سائر جسده".

٢- عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله"إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين".

ذكر ما استدل به على وجوب دلك الرأس:

الحديث الأول:


(١) ينظر صفحة ٤٠٩ , ٤١٠

<<  <   >  >>