للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: " وهو الصحيح إن شاء الله، لأنه لم يرد فيه نص صحيح ولا هو في معنى المنصوص عليه، ولأنه غسل آدمي أشبه غسل الحي. وكلام أحمد يدل على أنه مستحب غير واجب، فإنه قال: "أحب إلي أن يتوضأ" وعلل نفي وجوب الغسل من غسل الميت بكون الخبر الوارد فيه موقوفاً على أبي هريرة، فإذا لم يوجب الغسل بقول أبي هريرة مع احتمال أن يكون مرفوعاً، فلأن لا يوجب الوضوء بقوله مع عدم هذا الاحتمال أولى، ولأن الأصل عدم وجوبه فيبقى على الأصل (١) .

٤- قال ابن حجر: " فيجمع بينه وبين الأمر في حديث أبي هريرة بأن الأمر على الندب، أو المراد بالغسل غسل الأيدي، كما صرح به في هذا. قلت: ويؤيد أن الأمر فيه للندب، ما روى الخطيب فِي ترجمة محمد بن عبد الله المخرمي من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال لي أبي: كتبت حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل ومنا لا يغتسل؟ قال: قلت: لا، قال: في ذلك الجانب شاب يقال له محمد بن عبد الله يحدث به عن أبي هشام المخزومي عن وهيب، فاكتبه عنه، قلت: وهذا إسناد صحيح وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث. والله أعلم (٢) .

٥- ومال الشوكاني إلى القول بالاستحباب لما فيه من الجمع بين الأدلة.

ورد على من قال: الجمع حاصل بغسل الأيدي بأنه غير ظاهر، لأن الأمر بالاغتسال لا يتم معناه الحقيقي إلا بغسل جميع البدن، وما وقع من إطلاقه على الوضوء في بعض الأحاديث فمجاز، لا ينبغي حمل المتنازع فيه عليه، بل الواجب حمله على المعنى الحقيقي الذي هو الأعم الأغلب، ولكنه يمكن تأييده بحديث "فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" (٣) .

قلت:

بعد البحث في هذه المسألة تبين لي ما يلي:


(١) الشرح الكبير (١/٩٠) .
(٢) التلخيص الحبير (١/١٤٦) .
(٣) نيل الأوطار (١/٢٩٩) ، والحديث بتمامه أخرجه البيهقي عن ابن عباس مرفوعاً (١/٣٠٦) وحسنه ابن حجر.

<<  <   >  >>