إن منن الله على عباده عظيمة، وقد كرم الإنسان وسخر له كل شيء، ومما سخره الله -سبحانه- له هذه الأنعام التي منها يأكل ومنها يشرب وعليها يركب، وجعل له فيها منافع شتى، وأمر الله الإنسان بكل ما هو طيب طاهر وأباحه له، فأباح له الانتفاع بجلود هذه الأنعام وأصوافها وأشعارها وأوبارها، فيجعل من جلود الأنعام بيوتاً يستخفها وينتقل بها متى شاء يوم ظعنه، ويوم إقامته، وقد شرع له المولى -سبحانه- أن يسفك دم الأنعام ويذكيها قبل الانتفاع بها، ونهاه عن الانتفاع بلحمها وأكلها إذا لم تذك وماتت؛ لعدم طهارتها بالذبح، أما جلودها وهي ميتة لم تذك فقد اختلف العلماء في حكمها وذلك لتعارض الأحاديث في حكم استعمالها وطهارتها.
فقد جاءت أحاديث تفيد طهارتها وجواز استعمالها، منها:
حديث ابن عباس -رضي الله عنه- " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة فقال: "هلا استمتعتم بإهابها؟ قالوا: إنها ميتة. قال: إنما حرم أكلها".
وجاءت أحاديث تفيد نجاسته وعدم جواز استعماله، منها:
حديث عبد الله بن عكيم قال: " قرئ علينا كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأرض جهينة وأنا غلام شاب: أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".
فهذه الأحاديث تتعارض في ظاهرها في مفادها وحكمها.
الأحاديث التي تفيد الطهارة وجواز الاستعمال:
عن ابن عباس -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا قَالُوا إِنَّهَا مَيِّتَةٌ قَالَ إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا " (١) .