للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - ومن اللحمان أيضا لحم قد نهي عن أكله وهو لحم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع أيضا، ومن ذلك السنور وما أشبهه فكان ذلك منهيا عنه ممنوعا من أكل لحمه بالسنة.

وكان في النظر أيضا سؤر ذلك حكمه حكم لحمه لأنه ماس لحما مكروها فصار حكمه حكمه، كما صار حكم ما ماس اللحمان الثلاث الأول حكمها فثبت بذلك كراهة السنور وبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة رحمة الله عليه (١) .

قلت:

مما عرضت من الأحاديث ودراستها سنداً ومتناً تبين لي قوة أدلة الجمهور وهي أدلة صحيحة مرفوعة أما أدلة بعض الحنفية ومن يرى كراهة سؤر الهر فإنها موقوفة، والمرفوع منها وأن صح سنداً كما قال الطحاوي وكما بينت إلا أنه معل بالإدراج في متنه فقد أدرج الموقوف من قول أبي هريرة في سؤر الهر في المرفوع وقد بين ذلك الحديث الذي أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة باب سؤر الكلب. (٢)

والبيهقي أيضا من طريق علي بن نصر عن قرة فبين المرفوع من الموقوف وقد سبق بيان ذلك (٣) .

قال البيهقي: "وزعم الطحاوي أن حديث أبي هريرة صحيح ولم يعلم أن الثقة من أصحابه ميزه من الحديث وجعله من قول أبي هريرة" (٤) .

قلت:

ولئن روى عن أبي هريرة موقوفاً في كراهية سؤرها فقد روي عنه في الرخصة في ذلك، رواه عنه ميمون بن مهران، أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٥) .

أما دعوى الإجماع التي ذكرها النووي فليست مسلمة، بل خالف أبو حنيفة كما سبق (٦) .

والذي ذهب إليه الجمهور هو الذي أراه صواباً، والله أعلم.

المبحث الخامس:

ما جاء في المني.

قال تعالى: " خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين" (٧) .

واقتضت إرادة الله سبحانه وتعالى أن تخرج من منفذ لا يخرج منه إلا نجساً.

فقد جاءت أحاديث تفيد نجاستها منها:


(١) شرح معاني الآثار ١/٢١.
(٢) السنن ١/١٩
(٣) ص
(٤) عزاه إليه النووي في المجموع ١/١٧٥.
(٥) الأوسط ١/٣٠٢.
(٦) ص
(٧) سورة النحل آية ٤.

<<  <   >  >>