للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- ذهب الجمهور إلى طهارة سؤر الهرة وعدم وجوب غسل الإناء من ولوغها أخذاً بأحاديث الإباحة، وممن ذهب إلى ذلك بعض الحنفية منهم أبو يوسف ومحمد بن الحسن كذا نقله عنهما الطحاوي (١) ، والشافعية نقل ذلك عنهم النووي حيث قال: " قال الشافعي رحمه الله: الهرة ليست بنجس فنتوضأ بفضلها ونكتفي بالخبر عن النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا يكون في أحد قال خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم حجة" (٢) .

وأجابوا عن الحديث المعارض بما ذكره النووي حيث قال: قال أصحابنا ولو صح حديث أبي هريرة لم يكن فيه دليل لأنه متروك الظاهر بالاتفاق، فإن ظاهره يقتضي وجوب غسل الإناء من ولوغ الهرة ولا يجب ذلك بالإجماع" (٣) .

وإلى هذا ذهب المالكية أيضاً فقد قال ابن عبد البر بعد إيراد الحديث وفوائده –أي حديث أبي قتادة-" وفيه أن الهر ليس ينجس ما شرب منه وأن سؤره طاهر وهذا قول مالك وأصحابه" (٤) .

وإلى هذا ذهب الحنابلة قالوا:" وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر غير مكروه" (٥) .

٢- وذهب أبو حنيفة إلى نجاسة سؤرها واحتج بما روي عن أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً، وبما روي عن الصحابة والتابعين في النهي عن الوضوء من سؤر الهر ووجوب غسل الإناء من ولوغه، وإلى هذا ذهب الطحاوي، قال:" وقد شد هذا القول النظر الصحيح، وذلك أنا رأينا أن اللحمان على أربعة أوجه:

١ - فمنها لحم طاهر مأكول وهو لحم الإبل والبقر والغنم فسؤر ذلك كله طاهر لأنه ماسَّ لحماً طاهراً.

٢ - ومنها لحم طاهر غير مأكول وهو لحم بني آدم فسؤرهم طاهر لأنه ماس لحما طاهرا.

٣ -ومنها لحم حرام وهو لحم الخنزير والكلب فسؤر ذلك حرام لأنه ماس لحما حراما، فكان حكم ما ماس هذه اللحمان الثلاثة كما ذكرنا يكون حكمه حكمها في الطهارة والتحريم.


(١) شرح معاني الآثار ١/١٩.
(٢) المجموع ١/١٧٥.
(٣) المرجع السابق.
(٤) التمهيد ١/٣١٩.
(٥) الروض المربع للبهوتي١/١٠٤.

<<  <   >  >>