وأما ما روي عن أبي قتادة مما ذكرنا عنه في ذلك فهو إرادة منه للقصد بالغسل إلى الجمعة لإصابة الفضل في ذلك. وقد روينا عن عبد الرحمن بن أبزى خلاف ذلك.
وجميع ما بيناه في هذا الباب هو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله" (١) .
٤- وذهب ابن حبان إلى الجمع بين الأحاديث بأن حمل الأمر بالغسل على الندب، وقد أورد هذه المسألة بأدلتها وأحاديثها بأسانيده، وبوب لكل باب بما يناسبه، فأفاد من تبويبه فوائد في الجمع بين هذه الأحاديث، وتعزيز هذا الجمع بأحاديث أخرى. فقال:
" ذكر لفظة أوهمت عالما من الناس أن غسل يوم الجمعة فرض لا يجوز تركه" وأورد بسنده حديث ابن عمر مرفوعاً صحيح (الغسل يوم الجمعة على كل حالم من الرجال وعلى كل بالغ من النساء) .
ثم قال: " ذكر خبر ثان ذهب إليه بعض أئمتنا فزعم أن غسل يوم الجمعة واجب" وأورد حديث أبي سعيد المتقدم أول البحث.
ثم بوب بابا آخر فقال: " ذكر الخبر الدال على أن الأمر بالاغتسال للجمعة في الأخبار التي ذكرناها قبل إنما هو أمر ندب وإرشاد لعلة معلومة"، وأورد حديث ابن عمر (أن عمر بن الخطاب بينا هو يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل عليه رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فناداه عمر: أي ساعة هذه؟ قال: إني شغلت اليوم فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت النداء فلم أزد على أن توضأت. قال عمر: والوضوء أيضا، وقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بالغسل) .