للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- قال ابن العربي: "اختلف الناس في الغسل، فقيل هو صب الماء على المغسول، وقيل هو إمرار اليد مع الماء على المحل، أو عرك المحل بعضه ببعض مع الماء، وقيل هو صب الماء خاصة، والصحيح أن الغسل هو صب الماء لإزالة شيء، فإذا زال كان غسلا وكان المحل مغسولا، ألا ترى أن غسل الإناء من ولوغ الكلب: صب الماء عليه لأنه ليس هناك شيء يزال، وقد جاء في الحديث كما تقدم في البول، فأتبعه ماء ولم يغسله، يعني لم يعركه، فتبين أن الغسل نوعان: أحدهما صب الماء لإزالة، والثاني صب الماء مع العرك" (١) .

٤- قال ابن حزم: " وليس عليه أن يتدلك: وهو قول سفيان الثوري، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وداود، وأبي حنيفة، والشافعي، وقال مالك بوجوب التدلك". ثم ذكر دليله وحجته، حديث أم سلمة –رضي الله عنها- المتقدم.

ورد على أدلة من قال بالوجوب. وذكر من أدلتهم حديث "إن تحت طل شعرة جنابة..الحديث" وضعفه، وقال: "ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة، لأنه ليس فيه إلا غسل الشعر وإنقاء البشر، وهذا صحيح ولا دليل على أن ذلك لا يكون إلا بالتدلك، بل هو تام دون تدلك " (٢) .

٥- قال النووي: "مذهبنا أن دلك الأعضاء في الغسل وفي الوضوء سنة ليس بواجب، فلو أفاض الماء عليه فوصل به ولم يمسه بيديه، أو انغمس في ماء كثير، أو وقف تحت ميزاب، أو تحت المطر ناويا فوصل شعره وبشره؛ أجزأه وضوءه وغسله، وبه قال العلماء كافة، إلا مالكا والمزني؛ فإنهما شرطاه في صحة الغسل والوضوء" (٣) .

وضعف النووي حديث "تحت كل شعرة جنابة..الحديث"، وكذا ضعف حديث علي "من ترك موضع شعرة..الحديث" (٤) .

٦- واختار الحنابلة استحباب إمرار اليد، وعدم وجوبه، بل يكفي إفاضة الماء حتى يتيقن أو يغلب على ظنه أن الماء وصل إلى البشرة، واحتجوا بحديث أم سلمة.


(١) عارضة الأحوذي (١/١٦١-١٦٢) .
(٢) المحلى (٢/٣٢) .
(٣) المجموع (٢/١٨٥) .
(٤) المرجع السابق ١٨٤.

<<  <   >  >>