ومن هذه الآداب التستر عند اغتسال المسلم وحده في الخلوة، ولكن وقع الاختلاف في هذا التستر، أهو على سبيل الوجوب أم على سبيل الإباحة؟، ومنشأ هذا الاختلاف ورود بعض الأحاديث التي تدل على وجوب التستر عند الغسل وبعضها الآخر يدل على الإباحة.
فمما يدل على الوجوب حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال:"احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك"، قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض، قال:"إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها" قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان أحدنا خالياً، قال:"الله أحق أن يستحيا منه من الناس".
ومما يدل على الإباحة:
١- ما روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة، ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده. فقالوا: "والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر (١)"، فذهب مرة يغتسل، فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فخرج موسى في إثره يقول: "ثوبي يا حجر" حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى فقالوا: "والله ما بموسى من بأس"، وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا، فقال أبو هريرة: "والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر".
(١) "يقال رجل آدر: إذا كان في إحدى خصيتيه نفخة" لسان العرب ٤/١٥.