للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧-قال الشوكاني: "الحديث الأول يدل على جواز الاستمتاع من غير تخصيص بمحل دون محل من سائر البدن غير الفرج، لكن مع وضع شيء على الفرج يكون حائلا بينه وبين ما يتصل به من الرجل، والحديث الثاني يدل على جواز الاستمتاع بما عدا الفرج، والحديث الثالث يدل على جواز الاستمتاع بما فوق الإزار من الحائض، وعدم جوازه بما عداه، فمن أجاز التخصيص بمثل هذا المفهوم خصص به عموم "كل شيء" المذكور في حديث أنس وعائشة، ومن لم يجوز التخصيص به فهو لا يعارض المنطوق الدال على الجواز" (١) .

قلت:

والذي يترجح عندي أنه يجوز أن يستمتع الرجل من امرأته الحائض بكل شيء إلا موضع الأذى، وهو الفرج، وذلك ثابت بالدليل الصحيح، وموافق لكتاب الله، حيث علل الاعتزال في الآية بالأذى، ومعلوم أن الأذى لا يعدو الفرج إذا شدت المرأة عليه بإزار ونحوه، وما ورد من أحاديث تفيد الاستمتاع بما فوق الإزار فلا تعارض حديث أنس وما في معناه، وذلك لأمور:

١- أنه يمكن الجمع بين الأحاديث بأنه يجوز الأمران، فإذا بين إباحة شيء فلا يعني أنه لا يباح أكثر منه.

٢- أنه يجوز أن يكون الإزار الوارد في الحديث الآخر ما يغطي الفرج وما حوله، ولا يغطي الفخذين بكاملهما، وذلك يدل عليه حديث ميمونة فيما رواه أبو داود بسنده عنها، قالت: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كان عليها الإزار إلى أنصاف الفخذين أو الركبتين تحتجر به" (٢) .

ففي هذا الحديث دلالة واضحة على أنه يجوز الاستمتاع بما فوق الركبة، والله أعلم.


(١) نيل الأوطار (١/٣٥٠) .
(٢) (١/٤٥٠) من عون المعبود، والحديث صححه ابن القيم في تهذيب معالم السنن.

<<  <   >  >>