والثانية: حدّ اليد، حيث جعلت في الحديث الأول إلى الكف فقط، وجعلت في الحديث الثاني إلى المرفق.
وكذلك من يقرأ حديث عمار الآخر " فضربوا بأكفهم الصعيد ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة ثم عادوا. فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم" يجده يدل على خلاف الأول من جهتين، فيتفق مع الثاني من جهة عدد الضربات، ويختلف مع الأول والثاني في حد اليد، فيجعلها إلى المناكب والآباط.
وهذه معان تختلف، فوجب النظر في أسانيدها ومتونها، وقد تكلم العلماء عليها، وبينوا وجهة الصواب وكيف يدرأ التعارض.
أقوال العلماء في درء التعارض:
١- قال ابن حبان في حديث التيمم إلى المناكب:"كان هذا حيث نزل أمر التيمم قبل تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- عمارا كيفية التيمم ثم علمه ضربة واحدة للوجه والكفين لما سأل عمار النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التيمم"(١) .
٢- أورد الإمام الطحاوي حديث عمار في التيمم إلى الآباط بطرق أسلفتها ثم قال:
"فذهب قوم إلى هذا فقالوا: هكذا التيمم ضربة للوجه، وضربة للذراعين إلى المناكب والآباط.
وخالفهم في ذلك آخرون فافترقوا فرقتين، فقالت فرقة منهم: التيمم للوجه واليدين إلى المرفقين. وقالت فرقة منهم: التيمم للوجه والكفين.
فكان من الحجة لهذين الفريقين على الفرقة الأولى، أن عمار بن ياسر لم يذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم أن يتيمموا كذلك، وإنما أخبرهم عن فعلهم، فيحتمل أن تكون الآية لما أنزلت لم تنزل بتمامها وإنما أنزل منها "فتيمموا صعيدا طيبا" ولم يبين لهم كيف يتيممون، فكان ذلك عندهم على كل ما فعلوا من التيمم، لا وقت في ذلك وقتا، ولا عضوا مقصودا به إليه بعينه، حتى نزلت بعد ذلك: "فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه".