للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- أن يكون أحدهما آمراً والآخر مبيحاً، فالآمر وإن ترجح على المبيح نظراً إلى أنه إذا عمل به لا يصير مخالفاً للمبيح ولا كذلك بالعكس لاستواء طرفي المباح وترجح جانب المأمور به، إلا أن المبيح يترجح على الآمر من أربعة أوجه:

-الأول: أن مدلول المبيح متحد ومدلول الآمر متعدد فكان أولى.

-الثاني: أن غاية ما يلزم من العمل بالمبيح تأويل الأمر بصرفه عن محمله الظاهر إلى المحمل البعيد، والعمل بالأمر يلزم منه تعطيل المبيح بالكلية، والتأويل أولى من التعطيل.

- الثالث: أن المبيح قد يمكن العمل بمقتضاه على تقديرين، على تقدير مساواته بالآمر ورجحانه، والعمل بمقتضى الآمر متوقف على الترجيح وما يتم العمل به على تقديرين يكون أولى مما لم يتم العمل به إلا على تقدير واحد.

-الرابع: أن العمل بالمبيح بتقدير أن يكون الفعل مقصوداً للمكلف لا يختل لكونه مقدوراً له، والعمل بالآمر يوجب الإخلال بمقصود الترك بتقدير كون الترك مقصوداً.

٦- أن يكون أحدهما أمراً والآخر خبراً، فالخبر يكون راجحاً.

٧- أن يكونا مشتركَين إلا أن مدلولات أحدهما أقل من مدلولات الآخر، فالأول أولى لقلة اضطرابه وقرب استعماله فيما هو المقصود منه.

٨- أن يكونا مجازَين إلا أن أحدهما منقول مشهور في محل التجوز كلفظ الغائط بخلاف الآخر، فالمنقول أولى لعدم افتقاره إلى قرينة.

٩- أن تكون دلالة أحدهما مؤكدة دون الأخرى، فالمؤكدة أولى لأنه أقوى دلالة وأغلب على الظن وذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، بَاطِلٌ، بَاطِلٌ " (١) .

١٠- أن يكون أحدهما قد دل على الحكم وعلته، والآخر دل على الحكم دون علته، فالدال على العلة أولى لأنه أقرب إلى الإيضاح والبيان.


(١) تقدم تخريجه. انظر ص

<<  <   >  >>