حِيناً وَخُتِمْ
وَرُفِعَ الرَّيحَان وَالنَّبِيذُ ... وَزالَ عَنْكَ عَبْثُكَ اللَّذِيذُ
وَلَسْتَ فِي طُولِ النَّهارِ آمِناً ... مِنْ حادِثٍ لَمْ يَكُ قَبْلُ كائِنا
أَوْ خَبَرٍ يُكْرَهُ أَوْ كِتابِ ... يَقْطَعُ طُولَ اللَّهْوِ وَالشَّرابِ
وَاسْمَعْ إلَى مَثالِبِ الصَّبُوحِ ... فِي الصَّيْفِ قَبْلَ الطَّائِرِ الصَّدُوحِ
جِينَ حَلا النَّوْمُ وَطابَ المَضْجَعُ ... وَانْكَسَرَ الْحَرُّ وَلَذَّ المَهْجَعُ
وَانْهَزَمَ الْبَقُّ وَكُنَّ وُقعَّا ... عَلَى الدِّماء كَيْفَ شِئْنَ شُرَّعا
مِنْ بَعْدِما قَدْ أَكَلُوا اْلأَجْسادا ... وَطَيَّرُوا عَنِ الْوَرَى الرُّقادا
فَقُرِّبَ الزَّادُ إلَى نِيامِ ... أَلْسُنُهُمْ ثَقِيلَةُ الْكَلامِ
مِنْ بَعْدِ أَنْ دَبَّ عَلَيْهِ النَّمْلُ ... وَحَيَّةٌ تَقْذِفُ سُمَّا صِلُّ
وَعَقْرَبٌ مَخْدُورَةٌ قَتَّالَهْ ... وَجُعَلٌ وَفَأْرَةٌ بَوَّالَهْ
وَللِمْغُنَيِّ عارِضٌ فِي حَلْقِهِ ... وَنَعْسَةٌ قَدْ قَدَحَتْ فِي حِذْقِهِ
وَإنْ أَرَدْتَ الشُّرْبَ بَعْدَ الْفَجْرِ ... وَالصُّبْحُ قَدْ سَلَّ سُيُوفَ الْحَرِّ
فَساعَةٌ ثُمَّ تَجِيءُ الدَّامِغَهْ ... بِنارِها فَلا تَسُوغُ سائِغَهْ
وَيَسْخَنُ الشَّرابُ وَالِمزاجُ ... وَيِكْثُرُ الخْلافُ وَالضِّجاجُ
مِنْ مَعْشَرٍ قَدْ جُرِّعُوا الحْمَيما ... وَأُطْعِموُا مِنْ زادِهِمْ سُمُومَا
وَأَوْلَعُوا بِالْحَكِّ وَالتَّفَرُّكِ ... وَعَصَتِ اْلآباطُ أَمْرَ الْمَرْتَكِ
وَصارَ رَيْحانُهُمُ كَالْقَتِّ ... وَكُلُّهُمْ لِكْلِّهمْ ذُو مَقْتِ
وَبَعْضُهُمْ عِنْدَ ارْتِفاعِ الشَّمْسِ ... يُحسُّ جُوعاً مُؤْلِماً للنَّفْسِ
فَإِنْ أَسَرَّ ما بِهِ تَهَوَّسا ... وَلَمْ يُطِقْ مِنْ ضَعْفِهِ تَنَفُّسا
وَطافَ فِي أَصْداغِهِ الصُّداعُ ... وَلَمْ يَكُنْ بِمْثِلِهِ انْتِفاعُ
وَكَثُرَتْ حِدَّتُهُ وَضَجَرُهْ ... وَصارَ كَالْجَمْرِ يَطِيرُ شَرَرُهْ
وَهَمَّ بالْعَرْبَدَةِ الْوَحْشِيَّهْ ... وَصَرَفَ الْكاساتِ وَالتَّحَّيِهْ
وَظَهَرتْ مَشَقَّةٌ فِي حَلْقِهِ ... وَماتَ كُلُّ صاحِبٍ مِنْ فَرْقِهِ