للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٤٠٩] لَا تشدوا الرّحال هُوَ كِنَايَة عَن السّفر أَي لَا يقْصد مَوضِع بنية التَّقَرُّب إِلَى الله إِلَّا إِلَى هَذِه الثَّلَاثَة تَعْظِيمًا لشأنها وَاخْتلف فِي شدها إِلَى قُبُور الصَّالِحين وَإِلَى الْمَوَاضِع الفاضلة فمحرم ومبيح كَذَا فِي الْمجمع قَالَ بن حجر قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ يحرم عملا بِظَاهِر الحَدِيث وَأَشَارَ القَاضِي حُسَيْن إِلَى اخْتِيَاره وَبِه قَالَ عِيَاض وَطَائِفَة وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن من إِنْكَار أبي بصرى الْغِفَارِيّ على أبي هُرَيْرَة خُرُوجه إِلَى الطّور وَقَالَ لَهُ لَو أَدْرَكتك قبل أَن تخرج مَا خرجت وَاسْتدلَّ بِهَذِهِ الحَدِيث وَوَافَقَهُ أَبُو هُرَيْرَة وَالصَّحِيح عِنْد إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيره من الشَّافِعِيَّة أَنه لَا يحرم وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث بأجوبة مِنْهَا أَن المُرَاد أَن الْفَضِيلَة التَّامَّة فِي شدّ الرّحال إِلَى هَذِه الْمَسَاجِد بِخِلَاف غَيره فَإِنَّهُ جَائِز وَمِنْهَا أَن المُرَاد أَنه لَا تشد الرّحال إِلَى مَسْجِد من الْمَسَاجِد للصَّلَاة فِيهِ غير هَذِه وَأما قصد زِيَارَة قبر صَالح وَنَحْوهَا فَلَا يدْخل تَحت النَّهْي وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي مُسْند أَحْمد قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْبَغِي للْمُصَلِّي أَن يشد رحاله إِلَى مَسْجِد غير الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى ومسجدي انْتهى قَالَ الْقَارِي الرّحال جمع رحْلَة وَهُوَ كور الْبَعِير وَالْمرَاد نفي فَضِيلَة شدها ومربطها إِلَّا ثَلَاثَة مَسَاجِد قيل نفى مَعْنَاهُ نهى أَي لَا تشد الرّحال إِلَى غَيرهَا لِأَن مَا سوى الثَّلَاثَة متساو فِي الرُّتْبَة غير متفاوت فِي الْفَضِيلَة وَكَانَ الترحل إِلَيْهِ ضائعا عَيْشًا وَفِي شرح مُسلم للنووي قَالَ أَبُو مُحَمَّد يحرم شدّ الرّحال الى غير الثَّلَاثَة وَهُوَ غلط وَفِي الاحياء ذهب بعض الْعلمَاء الى الِاسْتِدْلَال بِهِ على الْمَنْع من الرحلة لزيارة الْمشَاهد وقبور الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ وَمَا تبين الى ان الْأَمر كَذَلِك بل الزِّيَارَة مامور بهَا بِخَبَر كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور الا فزوروها والْحَدِيث إِنَّمَا ورد نهيا عَن الشد بِغَيْر الْمَسَاجِد لتماثلها بل لَا بلد الا وفيهَا مَسْجِد فَلَا معنى للرحلة الى مَسْجِد آخر وَأما الْمشَاهد فَلَا تساوى بل بركَة زيارتها على قدر درجاتهم عِنْد الله ثمَّ لَيْت شعري هَل يمْنَع ذَلِك الْقَائِل شدّ الرّحال لقبور الْأَنْبِيَاء كإبراهيم ومُوسَى وَيحيى وَالْمَنْع من ذَلِك فِي غَايَة الاحالة وَإِذا جوز ذَلِك لقبور الْأَنْبِيَاء والأولياء فِي معناهم فَلَا يبعد ان يكون ذَلِك من أغراض الرحلة كَمَا أَن زِيَارَة الْعلمَاء فِي الْحَيَاة من الْمَقَاصِد (مرقاة)

[١٤١٣] وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الْحَرَام الخ فِي الدّرّ أفضل الْمَسَاجِد مَكَّة ثمَّ الْمَدِينَة ثمَّ الْمُقَدّس ثمَّ قبَاء ثمَّ الاقدم ثمَّ الْأَعْظَم ثمَّ الْأَقْرَب وَمَسْجِد أستاذه لدرسه أَو لسَمَاع الاخبار أفضل اتِّفَاقًا وَمَسْجِد حيه أفضل من الْجَامِع وَفِي الطوالع شَرحه قيل الْأَفْضَلِيَّة بِالنِّسْبَةِ الى أهل الْمحلة دون غَيرهم لِئَلَّا يودي الى تَعْطِيل مَسْجِد الْمحلة وَهَذَا مُخَالف لما ذكره صَاحب الْأَشْبَاه فِي أَحْكَام الْمَسْجِد من ان الْجَوَامِع أفضل من مَسَاجِد الْمحَال وَذَلِكَ لِأَن فِيهِ خلافًا فهما قَولَانِ قَالَ التُّمُرْتَاشِيّ فِي شرح الْجَامِع الصَّغِير ترك الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد حيه وَصلى عَامَّة صلواته أَو بَعْضهَا فِي جمَاعَة جَامع مصره أَيهمَا أفضل قيل جمَاعَة مَسْجِد حيه أفضل وَقيل جمَاعَة الْمَسْجِد الْجَامِع أفضل وَلَو كَانَ متفقها فجماعة مَسْجِد أستاذه أفضل انْتَهَت عبارَة الطوالع مُخْتَصرا قلت والتطبيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ ان الْجَامِع أفضل من حَيْثُ الكمية وَمَسْجِد حيه أفضل من حَيْثُ الْكَيْفِيَّة فَإِن الْعدَد زَائِد فِي الْجَامِع وَهُوَ خَمْسمِائَة ومسجده وان لم يكن فِيهِ ذَلِك الْعدَد لَكِن كَيْفيَّة الثَّوَاب ازيد من كميته الا ترى ان الْفُلُوس أَكثر عددا من الدِّينَار فَلْيحْفَظ (إنْجَاح)

قَوْله

[١٤١٤] فَقَالَ رجل الخ فَإِن قلت ان فِي الحَدِيث الصَّحِيح ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر امْرَأَة من الْأَنْصَار ان مري غلامك النجار أَن يعْمل الى اعوادا اكلم النَّاس عَلَيْهَا وَفِي هَذَا الحَدِيث سوال الرجل من اصحابه ليعْمَل ذَلِك الْمِنْبَر فَالْجَوَاب ان الرجل لَعَلَّ هُوَ ذَلِك الْغُلَام فَطلب مِنْهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعميل ذَلِك الْمِنْبَر وَكَانَ عبد الْأَنْصَارِيَّة طلب النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِجَازَة من سيدته الْأَنْصَارِيَّة فَلَمَّا امرته بذلك عمله وَاسم الْغُلَام باتوم الرُّومِي (إنْجَاح)

قَوْله فَهِيَ الَّتِي على الْمِنْبَر أَي تِلْكَ الدَّرَجَات الثَّلَاث الَّتِي كَانَت لمنبر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي الَّتِي الْيَوْم على الْمِنْبَر كَمَا هُوَ مشَاهد فِي أَكثر الْمَسَاجِد وَأما الزِّيَادَة على الثَّلَاث فَلَيْسَتْ بمسنونة لِأَنَّهَا للتجمل وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله خار أَي صات صَوت الْبَقَرَة لفراقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْخُوذ من الخوار بِالضَّمِّ صَوت الْبَقَرَة (إنْجَاح)

قَوْله الارضة وَهِي بِالتَّحْرِيكِ دويبة صَغِيرَة مثل الْقمل تَأْكُل الْخشب يسميها أهل الْهِنْد ديمك (إنْجَاح)

قَوْله وَعَاد رفاتا من رفت فأرفت وترفت أَي تكسر والرفات كل مَا رق وَكسر كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)

قَوْله

[١٤١٦] اثل الغابة قَالَ الْخطابِيّ هُوَ شَجَرَة الطرفا والغابة أَرض على تِسْعَة أَمْيَال من الْمَدِينَة وَبهَا وَقعت قصَّة العرينيين وَقَالَ الْكرْمَانِي الغابة الاجمة وَمَوْضِع بالحجاز

قَوْله عمله فلَان اخْتلفُوا فِيهِ على سَبْعَة أَقْوَال وأشبه الْأَقْوَال انه شَمْعُون وَالْجمع بَين الْأَقْوَال الْمَذْكُورَة بِأَن يحمل على وَاحِد بِعَيْنِه والبقية أعوانه وَلَا يجوز أَن يكون الْكل قد اشْتَركُوا فِي الْعَمَل لِأَن الرِّوَايَات الْكَثِيرَة تدل على أَنه لم يكن بِالْمَدِينَةِ الا نجارا وَاحِد عَيْني وَقَوله

<<  <   >  >>