للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٥٤٢] حَتَّى تخلفكم بِضَم التَّاء وَكسر اللَّام الْمُشَدّدَة أَي تصيرون وَرَاءَهَا غائبين عَنْهَا قَالَ القَاضِي اخْتلف النَّاس فِي هَذِه المسئلة فَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ الْقيام مَنْسُوخ وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَابْن حبيب والماجشون المالكيان هُوَ مُخَيّر قَالَ وَاخْتلفُوا فِي قيام من يشيعها عِنْد الْقَبْر فَقَالَ جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالسَّلَف لَا يقْعد حَتَّى تُوضَع قَالُوا والنسخ إِنَّمَا هُوَ فِي قيام من مرت بِهِ وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَمُحَمّد بن الْحسن قَالَ اخْتلفُوا فِي الْقيام على الْقَبْر حَتَّى تدفن فكرهه قوم وَعمل بِهِ آخَرُونَ روى عَن عُثْمَان وعَلى وَابْن عمر رض وَغَيرهم هَذَا كَلَام القَاضِي وَالْمَشْهُور فِي مَذْهَبنَا ان الْقيام لَيْسَ مُسْتَحبّ وَقَالُوا هُوَ مَنْسُوخ بحدي على وَاخْتَارَ الْمُتَوَلِي من أَصْحَابنَا انه مُسْتَحبّ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار فَيكون الْأَمر بِهِ للنَّدْب وَالْقعُود بَيَانا للْجُوَاز وَلَا يَصح دَعْوَى النّسخ فِي مثل هَذَا لَان النّسخ إِنَّمَا يكون إِذا تعذر الْجمع بَين الْأَحَادِيث وَلم يتَعَذَّر (نووي)

قَوْله

[١٥٤٩] كَانَ على رؤوسهم الطير قَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ كِنَايَة عَن اطراقهم رؤوسهم وسكوتهم وَعدم التفاتهم يَمِينا وَشمَالًا أَي على رَأس كل وَاحِد الطير يُرِيد صيدها وَلَا يَتَحَرَّك وَهَذِه كَانَت صفة مجْلِس رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا تكلم اطرق جلساءه كَأَنَّهَا على رؤوسهم الطير وَأَصله ان الْغُرَاب إِذا وَقع على رَأس الْبَعِير فيلتقط مِنْهُ الحلمة والحمنانة فَلَا يُحَرك الْبَعِير رَأسه لِئَلَّا ينفر عَنهُ الْغُرَاب (مرقاة)

قَوْله

[١٥٥٠] وَفِي سَبِيل الله مُتَعَلق بِفعل مَحْذُوف وَفِي بِمَعْنى على أَي تدفنه فِي سَبِيل الله وَالْغَرَض مِنْهُ ان تشيعنا الْجِنَازَة وصلاتنا عَلَيْهَا ودفننا لَهَا بِسَبَب حكم الله وَدينه قَالَ الله تَعَالَى قل هَذِه سبيلي ادعوا الى الله على بَصِيرَة انا وَمن اتبعني الْآيَة فَسمى الدّين سَبِيلا وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[١٥٥١] وسل رَسُول رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدا الخ أَي جرد السل والاسلال انتزاع الشَّيْء واخراجه فِي رفق كسل السَّيْف وَذَلِكَ بِأَن يوضع الْجِنَازَة فِي مُؤخر الْقَبْر ثمَّ أخرج من قبل رَأسه وادخل الْقَبْر وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَعِنْدنَا السّنة ان يوضع الْجِنَازَة الى الْقبْلَة من الْقَبْر وَيحمل مِنْهُ الْمَيِّت وَيُوضَع فِي الْقَبْر وَهَكَذَا كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدْخل الْمَيِّت فِي الْقَبْر كَمَا روى التِّرْمِذِيّ عَن بن عَبَّاس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل قبرا لَيْلًا فأسرج لَهُ بسراج فَأخذ من قبل الْقبْلَة لِأَن جَانب الْقبْلَة مُعظم فَيُسْتَحَب الادخال مِنْهُ والاخبار فِي دفن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَت متعارضه لِأَن فِي رِوَايَة الشَّافِعِي عَن بن عَبَّاس سل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبل رَأسه وَفِي رِوَايَة بن ماجة عَن أبي سعيد ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخذ من قبل الْقبْلَة واستقبل اسْتِقْبَالًا فتساقطا وَلم يكن فِي حجرَة النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَة فِي ذَلِك الْجَانِب لِأَن قَبره ملصق بالجدار وَكَذَلِكَ هُنَا للضَّرُورَة فان قلت مَا روى التِّرْمِذِيّ عَن بن عَبَّاس ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل قبرا لَيْلًا الخ إِسْنَاده ضَعِيف كَمَا قَالَ مُحي السّنة فِي شرح السّنة لِأَن فِيهِ الْحجَّاج بن أَرْطَاة ومنهال بن خَليفَة وَقد اخْتلفُوا فيهمَا قلت بذلك ينحط الحَدِيث عَن دَرَجَة الصَّحِيح لَا الْحسن وَلذَا حسنه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ أَيْضا وَفِي الْبَاب عَن جَابر وَيزِيد بن ثَابت هُوَ أَخُو زيد بن ثَابت وَحَدِيث بن عَبَّاس حَدِيث حسن صَحِيح وَقد ذهب بعض أهل الْعلم وَقَالُوا يدْخل الْمَيِّت الْقَبْر من قبل الْقبْلَة وَقَالَ بَعضهم ويسل سلا انْتهى (فَخر)

قَوْله

[١٥٥٤] اللَّحْد لنا والشق لغيرنا قَالَ النَّوَوِيّ اللَّحْد بِفَتْح اللَّام وَضمّهَا مَعْرُوف وَهُوَ الشق تَحت الْجَانِب القبلي من الْقَبْر وَفِيه دَلِيل لمَذْهَب الشَّافِعِي والاكثرين فِي ان الدّفن فِي اللَّحْد أفضل من الشق إِذا أمكن اللَّحْد واجمعوا على جَوَاز اللَّحْد والشق انْتهى وَقَالَ الشَّيْخ ان كَانَ المُرَاد بضمير الْجمع لنا الْمُسلمُونَ وبغيرنا الْيَهُود وَالنَّصَارَى مثلا فَلَا شكّ انه يدل على أَفضَلِيَّة اللَّحْد بل على كَرَاهَة غَيره وان كَانَ المُرَاد بغيرنا الْأُمَم السَّابِقَة فَفِيهِ أَيْضا أشعار بالأفضلية وعَلى كل تَقْدِير لَيْسَ اللَّحْد وَاجِبا والشق مَنْهِيّا عَنهُ والا لما كَانَ يَفْعَله أَبُو عُبَيْدَة وَهُوَ لَا يكون الا بِأَمْر من الرَّسُول أَو تَقْرِير مِنْهُ وَأَيْضًا لم يتفقوا على أَن أَيهمَا جَاءَ أَو لَا عمل عمله فَهَذَا من الاختيارات دون السّنَن أَي اللَّحْد هُوَ الَّذِي نؤثره ونختاره والشق اخْتِيَار من قبلنَا وَقيل المُرَاد بغيرنا غير أهل الْمَدِينَة من مَكَّة وَغَيرهَا لِأَن أَرض الْمَدِينَة صلبة صَالِحَة للحد بِخِلَاف ارْض مَكَّة وَهَذَا مَحل نظر وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَيُمكن أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنى بضمير الْجمع نَفسه أَي اوثر لي اللَّحْد وَهُوَ أَخْبَار عَن الْكَائِن فَيكون معْجزَة وَالله أعلم لمعات

قَوْله

<<  <   >  >>