للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٥٧١] فزوروها قَالَ الطَّيِّبِيّ زِيَارَة الْقَبْر مَأْذُون فِيهَا الرِّجَال وَعَلِيهِ عَامَّة أهل الْعلم واما النِّسَاء فقد روى عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن زوارات الْقُبُور فَرَأى بعض أهل الْعلم ان هَذَا كَانَ قبل أَن يرخص فِي زِيَارَة الْقُبُور فَلَمَّا رخص عَمت الرُّخْصَة لَهُنَّ فِيهِ انْتهى قَالَ الْقَارِي أَقُول هَذَا الْبَحْث مَوْقُوف على التَّارِيخ والا فَظَاهر هَذَا الحَدِيث الْعُمُوم لِأَن الْخطاب فِي نَهَيْتُكُمْ كَمَا انه عَام للرِّجَال وَالنِّسَاء على وَجه التغليب وأصالة الرِّجَال فَكَذَلِك الحكم فِي فزوروها مَعَ ان مَا قيل من ان الرُّخْصَة عَامَّة لَهُنَّ واللعن كَانَ قبل الرُّخْصَة مَبْنِيّ على الِاحْتِمَال أَيْضا وَقيل يكره لَهُنَّ الزِّيَارَة لقلَّة صبرهن وجزعهن قَالَ النَّوَوِيّ واجمعوا على ان زيارتها سنة لَهُم وَهل يكره للنِّسَاء وَجْهَان قطع الْأَكْثَرُونَ بِالْكَرَاهَةِ وَمِنْهُم من قَالَ يكره وَقَالَ الْعَيْنِيّ زِيَارَة الْقُبُور مَكْرُوهَة للنِّسَاء بل حرَام فِي هَذَا الزَّمَان قلت لِأَن فِي خروجهن فتْنَة وَلما يكره خروجهن الى الْمَسَاجِد لخوف الْفِتْنَة فَهَذَا يكره بِالْأولَى لَكِن لَا يكره زِيَارَة قَبره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُنَّ عِنْد الْجُمْهُور فَخر فَقَالُوا نستخير رَبنَا الخ أَي نطلب الْخَيْر ورضاء الرَّحْمَن فِيمَا يفعل فَإِنَّهُ لَا يفعل بِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الا مَا كَانَ خيرا فَأَيّهمَا من صَاحب اللَّحْد اوالضريح أَي الشق سبق تَرَكْنَاهُ يفعل فعله (إنْجَاح الْحَاجة)

[١٥٧٣] ان أبي كَانَ يصل الرَّحِم وَكَانَ وَكَانَ أَي عد مَنَاقِب أَبِيه من افعال الْبر وَالْخَيْر فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكَانَ يطعم الْمِسْكِين وَكَانَ يفك الرَّقَبَة مثلا فَسَأَلَ عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان أَبَاهُ مَعَ هَذِه الْأَوْصَاف الجميلة أَيْن مدخله أَي فِي الْجنَّة أم فِي النَّار فَأَجَابَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ فِي النَّار ثمَّ فسره وَرفع حزنه بِأَن الْمُشرك لَا يَنْفَعهُ شَيْء من الصَّدقَات والمبرات وَأما وَالِد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففيهما أَقْوَال المتقدمون بأجمعهم على أَنَّهُمَا مَاتَا على الْكفْر وَهُوَ مَرْوِيّ عَن أبي حنيفَة وتمسكوا بِحَدِيث الْبَاب وَغَيره وَبَعض الْمُتَأَخِّرين اثبتوا اسلامهما فَتَارَة يَقُولُونَ انهما احييا وأسلما وَهَذَا القَوْل واه حَيْثُ رده الْقُرْآن وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة قَالَ الله تَعَالَى فَلَمَّا رَأَوْا بأسنا قَالُوا آمنا بِاللَّه وَحده وكفرنا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكين فَلم يَك يَنْفَعهُمْ ايمانهم لما رَأَوْا بأسنا وَقَالَ تَعَالَى وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ اني تبت الان وَلَا الَّذين يموتون وهم كفار وَأما حَدِيث ذهبت بِقَبْر أُمِّي فَسَأَلت ان يُحْيِيهَا الخ رَوَاهُ الْخَطِيب عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَرَوَاهُ بن شاهين عَنْهَا قَالَ بن الْبَاجِيّ هُوَ مَوْضُوع وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن زِيَاد النقاش لَيْسَ بِثِقَة وَأحمد بن يحيى البيرمي وَمُحَمّد بن يحيى البيرمي مَجْهُولَانِ وَقد أَطَالَ فِي اللالي الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث وَقَالَ الصَّوَاب الحكم عَلَيْهِ بالضعف لَا بِالْوَضْعِ وَحَدِيث شفعت فِي هَؤُلَاءِ النَّضر أُمِّي وَأبي وَعمي أبي طَالب وَأخي من الرضَاعَة يَعْنِي بن السعدية رَوَاهُ الْخَطِيب عَن بن عَبَّاس مَرْفُوعا وَقَالَ بَاطِل ذكره الشَّوْكَانِيّ وَتارَة بِأَن أهل الفترة مَا كَانُوا مُشْرِكين وَلَا يخفى سخافة هَذَا القَوْل وَقد صنف الْحَافِظ السُّيُوطِيّ رِسَالَة مختصرة فِي هَذَا الْبَاب قلت وَالْقَوْل الثَّالِث السُّكُوت فِي هَذَا الْبَحْث فَإِن الْكَلَام فِيهِ رُبمَا يطول فيخل بِحَضْرَة النُّبُوَّة بِمَا هُوَ أهل لذَلِك صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وَتَأَول حَدِيث الْبَاب من قَالَ بإسلامهما بِأَن المُرَاد من أَبِيه أبي طَالب عَمه والْحَدِيث الأول بِأَنَّهَا مَاتَت معصومة فَلَا تحْتَاج الى الاسْتِغْفَار كَمَا ان الصَّبِي لَا يسْتَغْفر لَهُ (إنْجَاح)

قَوْله حَيْثُ مَا مَرَرْت الخ هَذَا من محَاسِن الْأَجْوِبَة فَإِنَّهُ لما وجد الْأَعرَابِي فِي نَفسه لاطفه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعدل الى جَوَاب عَام فِي كل مُشْرك وَلم يتَعَرَّض الى الْجَواب عَن وَالِده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْي

وَلَا اثبات وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد بالاب الْمَسْئُول عَنهُ عَمه أَبَا طَالب فَإِنَّهُ رباه يَتِيما وَكَانَ يُقَال لَهُ أَبوهُ تكَرر ذَلِك فِي الْأَحَادِيث وَلم يعرف وَالِده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَة شرك مَعَ صغر سنه جدا فَإِنَّهُ توفّي وَهُوَ بن سِتّ عشرَة سنة وَقد قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن السَّيِّد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام واجنبني وَبني ان نعْبد الْأَصْنَام مَا عبد أحد من ولد إِسْمَاعِيل صنما قطّ وَقد روى ان الله تَعَالَى احيى للنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والداه حَتَّى آمنا بِهِ وَالَّذِي نقطع بِهِ انهما فِي الْجنَّة ولي فِي ذَلِك عدَّة مؤلفات وعَلى ذَلِك حجج قَوِيَّة وَمن أقواها انهما من أهل الفترة وَقد أطبق أَئِمَّتنَا الشَّافِعِيَّة والاشعرية على ان من لم تبلغه الدعْوَة لَا يعذب وَيدخل الْجنَّة لقَوْله تَعَالَى وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا فَقَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي كتاب الْإِصَابَة ورد عدَّة طرق فِي حق شيخ الْهَرم وَمن مَاتَ فِي الفترة وَمن ولد اكمه وَمن ولد مَجْنُونا أَو طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُون قبل ان يبلغ وَنَحْو ذَلِك ان كلا مِنْهُم يُدْلِي بِحجَّة وَيَقُول لَو عقلت واذكرت لامنت فَترفع لَهُم نَار وَيُقَال ادخلوها فَمن دَخلهَا كَانَت لَهُ بردا وَسلَامًا وَمن امْتنع أدخلها كرها هَذَا معنى مَا ورد من ذَلِك قَالَ وَنحن نرجو ان يدْخل عبد الْمطلب وَأهل بَيته فِي جملَة من يدخلهَا طَائِعا فينجو الا أَبَا طَالب فَإِنَّهُ أدْرك الْبعْثَة وَلم يُؤمن وَثَبت فِي الصَّحِيح انه فِي ضحضاح من نَار (زجاجة)

قَوْله لقد كلفني الخ هَذَا مَخْصُوص بِهِ أَو الْأَمر للنَّدْب لَا للْوُجُوب وَالْمرَاد بالمشرك وَالْكَافِر من تَيَقّن كفره وَالله اعْلَم (إنْجَاح)

قَوْله

<<  <   >  >>