للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣٨٩١] إِذا رآى مخيلة قَالَ فِي النِّهَايَة المخيلة مَوضِع الْخَيل وَهُوَ الظَّن كالمظنة وَهِي السحابة الخليقة بالمطر وَيجوز ان يكون مُسَمَّاة بالمخيلة الَّتِي هِيَ مصدر كالمحبسة من الْحَبْس (زجاجة)

قَوْله إِذْ رآى مخيلة قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بِفَتْح الْمِيم وَإِنَّمَا تغير لَونه خوفًا ان يُصِيب أمته عُقُوبَة ذَنْب الْعَامَّة انْتهى

[٣٨٩٣] الرُّؤْيَا الْحَسَنَة وَفِي رِوَايَة الصَّالِحَة قَالَ الْكرْمَانِي الرُّؤْيَا بِالْهَمْزَةِ وَالْقصر وَمنع الصّرْف مَا يرى فِي الْمَنَام وَوَصفه بالصالحة للايضاح لِأَن غير الصَّالِحَة يُسمى الْحلم أَو التَّخْصِيص بِاعْتِبَار صورتهَا أَو تعبيرها وَيُقَال الصادقة والحسنة والحلم ضدها وقسموا الرُّؤْيَا الى حَسَنَة ظَاهرا أَو بَاطِنا كالمتكلم مَعَ الْأَنْبِيَاء أَو ظَاهرا لَا بَاطِنا كسماع الملاهي والى رُؤْيَة ظَاهر أَو بَاطِنا كلدغ الْحَيَّة أَو ظَاهر الا بَاطِنا كذبح الْوَلَد قَالُوا ان الله يخلق فِي قلب النَّائِم اعتقادات كَمَا يخلق فِي قلب الْيَقظَان وَرُبمَا جعلهَا علما على أُمُور اخر تلحقها فِي ثَانِي الْحَال والجميع يخلقه لَكِن جعل عَلامَة مَا يضرّهُ بِحُضُور الشَّيْطَان فنسب اليه لذَلِك ولانها على شاكلته وطبعه واضيف المحبوبة اليه تَشْرِيفًا انْتهى

قَوْله جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء الخ قَالَ النَّوَوِيّ الرِّوَايَات الَّتِي رَوَاهَا مُسلم ثَلَاث الْمَشْهُور سِتَّة وَأَرْبَعين وَالثَّانيَِة خَمْسَة وَأَرْبَعين وَالثَّالِثَة سبعين جُزْء وَفِي غير مُسلم من رِوَايَة بن عَبَّاس من أَرْبَعِينَ جُزْء وَفِي رِوَايَة من تِسْعَة وَأَرْبَعين وَفِي رِوَايَة الْعَبَّاس من خمسين وَمن رِوَايَة بن عمر سِتَّة وَعشْرين وَمن رِوَايَة عبَادَة ن أَرْبَعَة وَأَرْبَعين وَقَالَ القَاضِي أَشَارَ الطَّبَرِيّ الى ان هَذَا الِاخْتِلَاف رَاجع الى اخْتِلَاف حَال الرَّائِي فالمؤمن الصَّالح تكون رُؤْيَاهُ جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء وَالْفَاسِق جُزْء من سبعين جُزْء وَقيل المُرَاد ان الْخَفي مِنْهَا جُزْء من سبعين والجلي جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين قَالَ الْخطابِيّ قَالَ بعض الْعلمَاء أَقَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوحى اليه ثَلَاث وَعشْرين سنة مِنْهَا عشر سِنِين بِالْمَدِينَةِ وَثَلَاث عشرَة بِمَكَّة وَكَانَ قبل ذَلِك سِتَّة اشهر يرى فِي الْمَنَام يُوحى وَهِي جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء قَالَ الْمَازرِيّ وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد ان الْمَنَام فِيهِ أَخْبَار الْغَيْب وَهُوَ إِحْدَى ثَمَرَات النُّبُوَّة وَهُوَ يسير فِي جنب النُّبُوَّة لِأَنَّهُ يجوز ان يبْعَث الله تَعَالَى نَبيا ليشرع الشَّرَائِع وَيبين الاحكام وَلَا يخبر بِغَيْب ابدا وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي نبوته وَلَا يُؤثر فِي

مقصودها وَهَذَا الْجُزْء من النُّبُوَّة وَهُوَ الاخبار بِالْغَيْبِ إِذا وَقع لَا يكون الا صدقا قَالَ الْخطابِيّ هَذَا الحَدِيث توكيد لامر الرُّؤْيَا وَتَحْقِيق منزلتها وَقَالَ وَإِنَّمَا كَانَت جُزْء من أَجزَاء النُّبُوَّة فِي حق الْأَنْبِيَاء دون غَيرهم وَكَانَ الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم يُوحى إِلَيْهِم فِي منامهم كَمَا يُوحى إِلَيْهِم فِي الْيَقَظَة وَقَالَ بعض الْعلمَاء معنى الحَدِيث ان الرُّؤْيَا تَأتي على مُوَافقَة النُّبُوَّة لِأَنَّهَا جُزْء بَاقٍ من النُّبُوَّة وَالله اعْلَم انْتهى

قَوْله جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء من النُّبُوَّة أَي فِي حق الْأَنْبِيَاء فانهم يوحون فِي الْمَنَام وَقيل أَي الرُّؤْيَا تَأتي على وفْق النُّبُوَّة لِأَنَّهَا جُزْء بَاقٍ مِنْهَا وَقيل من الانباء أَي انباء وَصدق من الله لَا كذب فِيهِ وَلَا حرج فِي الاخذ بِظَاهِرِهِ فَإِن أَجزَاء النُّبُوَّة لَا يكون بنوة فَلَا يُنَافِي حَدِيث ذهب النُّبُوَّة ثمَّ رويا الْكَافِر قد يصدق لَكِن لَا يكون جُزْء مِنْهَا إِذْ المُرَاد الرُّؤْيَا الصَّالِحَة من الْمُؤمن الصَّالح جُزْء مِنْهَا كَمَا فِي حَدِيث الْكتاب كرماني

قَوْله

[٣٨٩٧] الرُّؤْيَا الصَّالِحَة الخ قَالَ الْكرْمَانِي صَلَاحهَا بِاعْتِبَار صورتهَا أَو تعبيرها أَو صدقهَا والرؤيا الصادقة الْمُوَافقَة للْوَاقِع فَإِن قلت الرُّؤْيَا الصَّالِحَة أَعم لاحْتِمَال كَونه مُنكرَة إِذا الصّلاح بِاعْتِبَار تَأْوِيلهَا قُلْنَا يرجع الى المبشرة نعم يخرج مَا لَا صَلَاح لَهَا لَا صُورَة وَلَا تَأْوِيلا انْتهى قَوْله جُزْء من سبعين الخ وَفِي شرح جَامع الْأُصُول وَمن رَوَاهُ جُزْء من سبعين فَلَا اعْلَم لَهُ وَجها انْتهى

قَوْله

[٣٨٩٩] كشف رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الستارة وَهِي الْحجاب الَّذِي كَانَ على بَاب بَيت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا (إنْجَاح)

قَوْله

[٣٩٠٠] فقد رَآنِي فِي الْيَقَظَة أَي فَكَأَنَّهُ قد رَآنِي فِي الْيَقَظَة والمناسبة فِي الْمُشبه والمشبه بِهِ لَيست بضرورية من كل الْوُجُوه فَإِنَّهُ قد تحقق ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَو امْرَهْ فِي الْمَنَام بِشَيْء يُخَالف شَرعه لَا يُتَابع ذَلِك الْبَتَّةَ وَقد يطْلب لَهُ محملًا صَحِيحا أَو يذكر لمن يعلم أسرار تَعْبِير الرُّؤْيَا وَقد نقل عَن الْبَعْض ان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَهْ بِشرب الْخمر فتحير فِي ذَلِك حَتَّى ذكره عِنْد بعض عُلَمَاء الْمغرب فَقَالَ ذَلِك الْعَالم انك قد سَهَوْت بل قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تشرب الْخمر وظننت انه قَالَ اشرب الْخمر فَوجدَ صَاحب الرُّؤْيَا لَهُ محملًا صَحِيحا وَقد نقل الشَّيْخ المجدد عَن الشَّيْخ الْأَكْبَر مُحي الدّين بن الْعَرَبِيّ انه قد خصص بِالرُّؤْيَةِ على صورته الَّتِي كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَهِي المدفونة فِي التربة المقدسة فَلَو رآى انسانا على صُورَة الكوسج لَا يكون رُؤْيَته حَقِيقَة وَقَالَ السَّيِّد جمال الدّين قيل مَعْنَاهُ من رَآنِي بِأَيّ صُورَة كَانَت فَإِنَّهُ رأى حَقِيقَة لِأَن تِلْكَ الصُّورَة مِثَال لروحه الْمُقَدّس سَوَاء كَانَت صورته الْمَخْصُوصَة أَو غَيرهَا فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بمثال على انه مِثَال لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ يَنْبَغِي ان يعلم ان لَا يغتر الرائ ان امْرَهْ بِأَمْر يُخَالف شَرعه فَإِن شَرعه الشريف بَين لَا يحْتَمل التاويل وَهَذَا مظنون وَالْيَقِين لَا يصادمه الظَّن وَقد خلط الشَّيْطَان فِي تِلَاوَته سُورَة النَّجْم بقوله تِلْكَ الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى فِي مدح الْأَصْنَام وَسجد الْمُشْركُونَ فَرحا واهتم بذلك الْمُسلمُونَ وَلم يشْعر بِهِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلما أخبر بذلك اهتم هما شَدِيدا حَتَّى نزل وَمَا ارسلنا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي الا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي امنيته فَينْسَخ الله مَا يلقى الشَّيْطَان ثمَّ يحكم الله آيَاته فَلَمَّا كَانَ للشَّيْطَان مدخلًا فِي مَجْلِسه فَمَا ظَنك بعد وَفَاته لَكِن الثُّبُوت والقرار على ذَلِك الْأَمر محَال فِي ذَاته المكرم لِأَنَّهُ مَا ينْطق عَن الْهوى ان هُوَ الا وَحي يُوحى فالغرض ان فِي المنامات واسرارها علما لَا يُعلمهُ كل أحد من النَّاس وَكَانَ لمُحَمد بن سِيرِين علم فِي التَّعْبِير وَله فِي ذَلِك غرائب منقولة فِي التواريخ ذكرهَا الامام اليافعي وَغَيره وَقد بسط القَوْل فِي رُؤْيا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيره الشَّيْخ الْأَكْبَر فِي الفصوص وَالشَّيْخ المجدد فِي مكاتيبه من شَاءَ فليراجعهما (إنْجَاح)

قَوْله

<<  <   >  >>