للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٨٤٠] كل صَلَاة لَا يقْرَأ الخ ذهب أَبُو حنيفَة الى أَن المقتدى لَا يقْرَأ الْفَاتِحَة فِي السّريَّة وَلَا فِي الجهرية لقَوْله تَعَالَى وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وانصتوا والانصات فِي اللُّغَة عدم الْكَلَام أَو السُّكُوت للاستماع وَفِي الْقَامُوس اسْتمع لَهُ واليه اصغى أَي مَال يسمعهُ ونصت وأنصت سكت ونصته وَله سكت لَهُ واستمع لحديثه انْتهى فالاستماع يخص فِي الجهرية والانصات يعم فَيجب السُّكُوت عِنْد الْقِرَاءَة مُطلقًا وَهَذَا بِنَاء على أَن وُرُود الْآيَة فِي الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة اخْرُج الْبَيْهَقِيّ عَن الامام أَحْمد قَالَ اجْمَعْ النَّاس على ان هَذِه الْآيَة فِي الصَّلَاة واخرج عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يقْرَأ فِي الصَّلَاة فَسمع قِرَاءَة فَتى من الْأَنْصَار فَنزل وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وانصتوا واخرج بن مردوية فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ سَأَلت بعض أشياخنا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسبهُ قَالَ عبد الله بن مُغفل كل من سمع الْقُرْآن وَجب عَلَيْهِ الِاسْتِمَاع الْإِنْصَات قَالَ إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا فِي القرأة خلف الإِمَام فِي المدارك ظَاهره وجوب الإستماع والإنصات وَقت قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا وَقيل مَعْنَاهُ وَإِذا تَلا عَلَيْكُم الرَّسُول الْقُرْآن عِنْد نُزُوله فَاسْتَمعُوا لَهُ وَجُمْهُور الصَّحَابَة على انه فِي اسْتِمَاع الْمُؤْتَم وَقيل فِي اسْتِمَاع الْخطْبَة وَقيل فيهمَا وَهُوَ الاصلح وَفِي المعالم الْأَصَح أَنَّهَا نزلت فِي اسْتِمَاع الْمُؤْتَم لَا فِي اسْتِمَاع الْخطْبَة لِأَن الْآيَة مَكِّيَّة وَالْجُمُعَة فرضت فِي الْمَدِينَة وَلقَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا قَرَأَ فانصتوا رَوَاهَا مُسلم زِيَادَة فِي حَدِيث إِذا كبر الامام فكبروا روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه فَإِن قلت قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه ان لَفْظَة فانصتوا لَيست بمحفوظة والخطاء عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر قلت رد قَول أبي دَاوُد الْحَافِظ عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصره وَقَالَ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر سُلَيْمَان بن حبَان من الثِّقَات حَتَّى اجْتمعَا البُخَارِيّ وَالْمُسلم فِي الرِّوَايَة عَنهُ وَصَححهُ بن خُزَيْمَة مَعَ زِيَادَة فانصتوا وَفِي سَنَد الْمُسلم سُلَيْمَان بن بِلَال التَّيْمِيّ ثِقَة كَمَا فِي التَّقْرِيب فَلَا يلْتَفت الى مَا نقل النَّوَوِيّ عَن الْحَافِظ تَضْعِيف هَذَا الزِّيَادَة بعد صِحَة طرقها وثقة رواتها والى مَا نقل عَن أبي على أَنه قد خَالف سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فِيهَا جَمِيع أَصْحَاب قَتَادَة لِأَن حَاصله أَن

سُلَيْمَان ذكر لَفْظَة فانصتوا عَن قَتَادَة وَلم يذكر غَيره من أَصْحَاب قَتَادَة عَنهُ وَهُوَ كَمَا ترى لَا يقْدَح فِي صِحَّته لِأَن زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة كَمَا تقرر فِي أصُول الحَدِيث فَإِن قيل يخصص هَذِه الْآيَة بِمَا سوى الْفَاتِحَة بِحَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَلَا تَفعلُوا الا بِأم الْقُرْآن فَإِنَّهُ لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بهَا قلت لَا لِأَن هَذَا الحَدِيث ضَعِيف لِأَن فِي سَنَده مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَهُوَ مُدَلّس فِي التَّقْرِيب مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار أَبُو بكر المطلبي مَوْلَاهُم الْمدنِي نزيل الْعرَاق امام الْمَغَازِي صَدُوق مُدَلّس وَرمى بالتشيع وَالْقدر من صغَار الطَّبَقَة الْخَامِسَة انْتهى وَقَالَ الْعَيْنِيّ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار مُدَلّس قد كذبه مَالك وَضَعفه أَحْمد وَقَالَ لَا يَصح الحَدِيث عَنهُ وَقَالَ أَبُو زرْعَة لَا نقضي لَهُ بِشَيْء فَلَا يحْتَج بِهِ لِأَن حكم من ثَبت عَنهُ التَّدْلِيس إِذا كَانَ عدلا ان لَا يقبل مِنْهُ الا مَا صرح فِيهِ بِالْحَدِيثِ على الْأَصَح كَمَا فِي النخبة فِي الْمقَام الاخر مِنْهُ عنعنة المعاصر مَحْمُولَة على السماع الا من المدلس فَإِنَّهَا لَيست مَحْمُولَة على السماع انْتهى وَهَذَا إِذا سلم ان مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَدُوق وَأما إِذْ ان الى مَا قَالَ مَالك وَأحمد وَأَبُو زرْعَة أَنه كَانَ وَضَعِيف فَتَصِير رِوَايَته كَأَن لم يكن شَيْئا مَذْكُورا وَإِن سلم صِحَّته فَلَا يجوز الزِّيَادَة بِخَبَر الْوَاحِد لكَونه ظنيا على النَّص الْقطعِي على أَنه يُعَارضهُ حِين إِذن مَا روى مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالتِّرْمِذِيّ عَن جَابر يَقُول من صلى رَكْعَة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَلم يصل ان يكون وَرَاء الامام وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن جَابر مَرْفُوعا وَمَا روى مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ بِسَنَدِهِ على شَرط الشَّيْخَيْنِ عَن جَابر عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من صلى خلف الامام فَإِن قِرَاءَة الامام قِرَاءَة لَهُ وَمَا روى بن ماجة عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كَانَ لَهُ امام فقراءة الامام لَهُ قِرَاءَة وَمَا روى مُسلم بِسَنَدِهِ عَن عَطاء انه سَأَلَ زيد بن ثَابت عَن الْقِرَاءَة مَعَ الامام فَقَالَ لَا قِرَاءَة مَعَ الامام فِي شَيْء وَمَا روى النَّسَائِيّ عَن كثير بن مرّة عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه يَقُول سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كل صَلَاة قِرَاءَة قَالَ نعم قَالَ رجل من الْأَنْصَار وَجَبت هَذِه فَالْتَفت الى وَكنت أقرب الْقَوْم مِنْهُ فَقَالَ مَا أرى الامام إِذا أم الْقَوْم الا قد كفاهم وَمَا روى مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر انه كَانَ إِذا سُئِلَ

هَل يقْرَأ أحد مَعَ الامام قَالَ إِذا صلى أحدكُم مَعَ الامام فحسبه قِرَاءَة الامام فَإِذا صلى وَحده فليقرأ وَكَانَ بن عمر لَا يقْرَأ خلف الامام وَبِالْجُمْلَةِ لم يثبت وجوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة على المقتدى بل الإحتياط أَن لَا يَقْرَأها الْمُقْتَدِي لما فِيهِ من الْوَعيد روى مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ عَن زيد بن ثَابت قَالَ من قَرَأَ خلف الإِمَام فَلَا صَلَاة لَهُ وروى عَن دَاوُد عَن قيس القرأ الْمدنِي قَالَ أَخْبرنِي بعض ولد سعد بن أبي وَقاص ان سعد قَالَ وددت الَّذِي يقْرَأ خلف الامام فِي فِيهِ جَمْرَة وروى أَيْضا فِي مؤطاه عَن دَاوُد بن قيس عَن عجلَان عَن عمر بن الْخطاب قَالَ لَيْت فِي فَم الَّذِي يقْرَأ خلف الامام حجرا وَقَالَ مُحَمَّد فِي مؤطاه لَا قِرَاءَة خلف الإِمَام فِيمَا جهر وَلَا فِيمَا لم يجْهر فِيهِ بذلك جَاءَت عَامَّة الْأَخْبَار وَهُوَ قَوْله أبي حنيفَة وَقَالَ الْقَارِي فِي شرح الْمُوَطَّأ نَاقِلا عَن الْكرْمَانِي وَعَن الشّعبِيّ قَالَ أدْركْت سبعين بدر يؤاكلهم على أَنه لَا قِرَاءَة خلف الإِمَام ١٢ فَخر الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى

[٨٤٣] كُنَّا نَقْرَأ الخ لَعَلَّ هَذَا كَانَ باجتهادهم فَلَمَّا أحس رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنعهم وَقَالَ من كَانَ لَهُ امام فَإِن قِرَاءَة الامام لَهُ قِرَاءَة كَمَا سيجيئ فِي بَاب إِذا قَرَأَ الامام فانصتوا (إنْجَاح)

قَوْله

[٨٥٣] ترك النَّاس الخ هَذَا إِنْكَار من أبي هُرَيْرَة على ترك الْجَهْر بالتأمين فَلَعَلَّ حَدِيث الْإخْفَاء لم يبلغهُ (إنْجَاح)

قَوْله إِذا قَالَ غير المغضوب عَلَيْهِم الخ قَالَ بن الْهمام روى أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي حَدِيث شُعْبَة عَن عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه انه صلى مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بلغ غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين قَالَ آمين اخفى بهَا صَوته وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا من حَدِيث سُفْيَان عَن وَائِل بن حجر وَذكر الحَدِيث فِيهِ وَرفع بهَا صَوته فقد خَالف سُفْيَان شُعْبَة فِي الرّفْع وَلما اخْتلف فِي الحَدِيث عدل صَاحب الْهِدَايَة الى مَا روى عَن بن مَسْعُود أَنه كَانَ يخفى لِأَنَّهُ يُفِيد أَن الْمَعْلُوم مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإخْفَاء كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ فِي اللمعات وَورد فِي الْجَهْر بالتأمين أَحَادِيث وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَفِي مَذْهَب مَالك خِلَافه وَفِي مَذْهَب أبي حنيفَة يسر بالتأمين مُطلقًا وَأورد التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه حَدِيث رفع الصَّوْت بآمين وخفضها وَرجح حَدِيث الْجَهْر وَنقل عَن البُخَارِيّ كَذَلِك قَالَ وَعَلِيهِ عمل أَكثر الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ انْتهى وَقد صحّح بعض الْعلمَاء حَدِيث الْخَفْض أَيْضا وروى عَن عمر بن الْخطاب رض أَنه قَالَ يخفى الامام أَرْبَعَة أَشْيَاء التَّعَوُّذ والبسملة وآمين وسبحانك اللَّهُمَّ وَعَن بن مَسْعُود مثله وروى السُّيُوطِيّ فِي جمع الْجَوَامِع عَن أبي وَائِل قَالَ كَانَ عمر رض وعَلى رض لَا يجهران بالبسملة وَلَا بالتعوذ وَلَا بآمين رَوَاهُ بن جرير والطَّحَاوِي وَابْن شاهين فِي السّنَن وَأورد بن الْهمام عَن أَحْمد وَأبي يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث شُعْبَة عَن عَلْقَمَة عَن أبي وَائِل فِي الخفاء وَعَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا من حَدِيث سُفْيَان عَن أبي وَائِل فِي الْجَهْر وَقَالَ كلا الْحَدِيثين مَعْلُول والاعتماد على حَدِيث بن مَسْعُود رض

قَوْله فسمعناها مِنْهُ يدل هَذَا على أَنه تأمينه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا كَانَ بالجهر لكَي يعلمُوا مَا فعله كَمَا كَانَ قد يسمع الْآيَة أَحْيَانًا فِي السّريَّة وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[٨٥٦] مَا حسدتكم الى آخِره لَعَلَّ سَبَب حسدهم ان هذَيْن الامرين مطبوعان لَهُم وَلَا يعْملُونَ بهما لِئَلَّا يلْزمهُم التأسي والاقتداء بِأَهْل الْإِسْلَام (إنْجَاح)

قَوْله

<<  <   >  >>