وأما الحديث الثاني: فرواه الدارقطنين على ما نقله إمام الحرمين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ما له وما عليه، وأقيمت عليه الحدود) . وهذا الحديث نص في المقصود، فإن الذي دلت عليه السير أن ابن عمر يوم الخندق كان في ست عشرة سنة ولكنه لم يحسب تلك الزيادة فقال: وأنا ابن خمس عشرة؛ لأنه كان أكملها وزاد عليها، فإجازة النبي صلى الله عليه وسلم له يحتلم أن يكون لقدرته على القتال مع صباه، ويحتمل أن يكون لاستكماله خمس عشرة، ويحتمل أن يكون لبلوغه قبل ذلك أو بعده، وأما هذا الحديث فنص في اعتبار كمال خمس عشرة سنة، وصريح في أنه يكتب ما له وما عليه وتقام عليه الحدود، وهذا معنى التكليف، فإن صح هذا الحديث فلا ريبة في هذا الحكم، وإلا فنقول: اعتبار أبي حنيفة أيضا لسبع عشرة أو لثمان عشرة لا دليل عليه، وبقاء الصبا إلى إلى الاحتلام أبدا لا صائر إليه، وربما لا يحتلم شخص، وقد دل القرآن على بلوغ النكاح، وهو السن الذي تتوق فيه النفس إلى الجماع ويقدر عليه، وهو مختلف باختلاف الاشخاص، والغالب وجوده في ابن خمس عشرة وما قاربها، وقد شهد له حديث ابن عمر والحديث الآخر، فهو أولى بالاعتبار