الكتابة المسرحية تحتاج إلى نضوج فني خاص يتحقق في مرحلة مزاولة الكتابة القصصية.
وفي القصة يرسم الكاتب شخصياته بأن يصفها من الناحية الشكلية aspect physique كما يصفها من ناحيتها الأخلاقية aspect morale وهذا يساعد على تمثيل الشخصية وفهمها. أما في المسرحية فالشخصية أمامنا، ولا سبيل إلى رسمها عند الكاتب سوى أن يحركها وأن ينطقها، على أن تصدر عنها كل حركة وكل كلمة في كل موقف من المواقف بحيث تأتلف في رسم الشخصية مع غيرها من الحركات والكلمات, وأنا أسمي ذلك "وحدة الشخصية". وهذا لا يمنع نمو الشخصية مع نمو المسرحية، تمامًا كما يحدث في القصة. فالصعوبة في رسم الشخصية المسرحية تأتي من أن الكاتب مضطرّ لأن يحرك الشخصية أمامنا، وأن يخلق لها مجالات تتصرف فيها تصرفات خاصة، وأن يجري على لسانها الحديث في مناسبات معينة حتى نتعرفها، على أن يكون كل ذلك داخلًا في صميم المسرحية ذاتها. ولا تنس أن طريقة المؤلف المسرحي في رسم الشخصية هكذا تكون -حين تنجح- أكثر تأثيرًا من طريقة كاتب القصة، كما أنها تربط بيننا وبين الشخصية برباط قوي.
أما الفكرة فإنها لازمة لكل مسرحية، في الوقت الذي لا تلزم فيه الفكرة في القصة إلا في القصة الدرامية. ومنذ اللحظة الأولى ظهرت المسرحية لتصور موقف الإنسان والطبيعة من الخير والشر. وقد تصور الصراع بين الإنسان والطبيعة، كما قد ترتبط بمشكلات الحياة اليومية, ومن هنا أمكن الحديث عن مسرحيات فكرية وأخرى اجتماعية. والمسرحية قد تستغل التاريخ كما تستغل الأسطورة، وقد تستقل عنهما. أما المسرحية الاجتماعية فهي قد تستغلهما أحيانًا لتلقي من خلالهما الأضواء على مشكلات الحياة الراهنة، أخذًا بفكرة أن التاريخ يعيد نفسه.