ومن هنا تتراكم المادة النقدية، حتى إننا لنجد الأثر الأدبي الواحد وقد ظهر عنه أضعاف أضعافه من النقد، وكل نقد ينظر إلى ما سبقه مفسرًا له، مؤيدًا له أو معارضًا، حاكمًا عليه آخر الأمر. وهذا من شأنه أن يبتعد بنا عن الأثر الأدبي ذاته وعن قراءته, وهذا عيب يعد للنقد، وهو أنه غالبًا ما يصرفنا عن قراءة الأدب ذاته، فالناقد -بخاصة عندما يكون ذا شخصية- يجعلنا نرى العمل الأدبي لا بعيوننا ولكن بعينه، فنفهم منه ما يفهمه هو، ونخطئ فيه ما يخطئه، ونحكم عليه بحكمه. وهنا يمكن النظر إلى الناقد لا على أنه يفسر لنا العمل الأدبي، ولا على أنه يقربه من نفوسنا، أو يطلعنا على دقائقه، ويكشف لنا عن مكنونه، ولكن على أنه يقف عقبة في سبيل فهمنا الخاص للعمل الأدبي، ومزاولتنا الخاصة له. ولكن ينبغي ألا نذهب في اتهام النقد إلى أبعد من هذا؛ لأن النقد يؤدي إلينا في الحقيقة -وبخاصة في عصرنا الحاضر الذي يتميز بالسرعة، والذي لا نجد فيه الوقت الكافي لقراءة كل ما نريد من قديم وحديث- يؤدي