فإلى جانب أهمية المادة التي يستغلها الكاتب هناك عملية اختيار تأخذ اللازم, وتستبعد ما لا نفع له.
وهناك من يميل إلى أن يحدد أهمية الشيء بأن يكون الكاتب نفسه قد عاناه أو خبره؛ لأنه عندئذ لا يملك إلا أن يكون أمينًا في نقله واستخدامه. ففي نطاق خبرة الكاتب الخاصة يكون لما يعرضه في عمله القصصي أهمية. فإذا هو حاول الخروج عن ميدان تجاربه الخاصة، وخبراته التي حصلها بنفسه، وقع لا محالة في عيب لا يغتفر في العمل الأدبي، وهو ألا يكون أمينًا وصادقًا. وبناء على ذلك فإنك إذا كنت تكتب قصة وتحركت بإحدى شخصياتها إلى بيئة لم تعرفها ولم تخبرها عن قرب، أو إلى مكان لم تزره ولم تعرف أهله، فإنك لن تستطيع أن توفر لقصتك صفة الأمانة تلك. ويتبع ذلك أن تفقد قصتك أهميتها؛ لأنك تقدم فيها شيئًا لم يمر بوجدانك، فضلا عن أنه -في أغلب الأحوال- يكون بعيدًا عن الحقيقة. فمثلا إذا حاول كاتب من طبقة معينة أن يمتد إلى تصوير أجزاء من بيئة طبقة أخرى لم يعش فيها, ولم يعرفها عن قرب فإنه لن